Stay Human - The Reading Movie (2013)
-
0:13 - 0:21أيها الأخوة، أصبح شعارنا "حافظوا على إنسانيتكم" الآن أيضاً كتاباً.
-
0:21 - 0:25تجدون فيه قصة المذبحة التي استمرت ثلاثة أسابيع
-
0:25 - 0:28والتي كتبتها حسب مقدرتي
-
0:28 - 0:31وفي معظم الأحيان في ظروف من كثير من عدم الاستقرار
-
0:31 - 0:36والتي غالباً ما أخربشها حول الجحيم الذي يعيشه كل من حولي في دفتر ملاحظات بالٍ
-
0:36 - 0:39بينما أكون جاثماً في سيارة إسعاف تطلق صفارتها في الشارع.
-
0:39 - 0:44أو أنقرها بشكل مسعور على لوحة مفاتيح أي جهاز حاسوبٍ يتوفر لدي،
-
0:44 - 0:50وغالباً داخل أحد الأبنية المترنحة كبندولٍ مجنون من شدة الانفجارات التي تقع حولنا.
-
0:50 - 0:55من الواجب عليَّ تحذيركم بأن الغوص في هذا الكتاب قد يكون محفوفاً بالمخاطر.
-
0:55 - 0:59هذه الأوراق مؤذيةٌ وملطّخةٌ بالدماء
-
0:59 - 1:04كما إنها مشبعةٌ بالفوسفور الأبيض، وهي حادةٌ كحدة شظايا قنبلةٍ.
-
1:04 - 1:11أما إذا قُرئت في هدوء غرفة نومٍ، فإن جدرانكم ستهتزّ بفعل صرخاتنا التي سبّبها الرعب.
-
1:11 - 1:18إنني أشعر بالقلق على شغاف قلوبكم التي أعترف أنها لم تصبح حتى الآن عازلةً لأصوات الألم.
-
1:18 - 1:23الرجاء الاحتفاظ بهذا الكتاب في مكانٍ آمنٍ في متناول الفتيان
-
1:23 - 1:28فبذلك ربما يطّلعون بسرعةٍ على عالم ليس شديد البعد عنهم،
-
1:28 - 1:35حيث اللامبالاة والتمييز العنصري تمزّق نظراءهم إلى قطعٍ صغيرة وكأنهم مجرد دمىً باليةً.
-
1:35 - 1:43وبهذه الطريقة ربما يكون ذلك لقاحاً لهم، منذ نعومة أظفارهم، ضد التمييز العنصري وضد وباء العنف تجاه أي شخص مختلف عنا
-
1:43 - 1:50أو ضد الحياد عندما يواجَه بالظلم. ومن أجل الغد ومن أجل أن تحافظوا على إنسانيتكم
-
1:50 - 1:53إنني أثق بكم أيها الذين تثقون بي
-
1:53 - 1:57ليس من أجل أولئك الذين ماتوا بل من أجل الذين أصيبوا بجراح قاتلة في هذه المذبحة البشعة.
-
1:57 - 2:04أضمكم ضمة كبيرة بقدر اتساع البحر الأبيض المتوسط الذي بقدر ما يباعدنا عن بعضنا بقدر ما يضمنا
-
2:04 - 2:06حافظوا على إنسانيتكم!
-
2:06 - 2:19لا استسلام، المخلص لكم: فيتوريو
-
2:19 - 2:2127 كانون الأول 2008
-
2:21 - 2:24غيرنيكا في غزَّة
-
2:24 - 2:26شقتي في غزَّة مواجهة للبحر
-
2:26 - 2:30منظر بانورامي لطالما كان له فعل العجائب على مزاجي، وغالباً ما كان يتم تعكير ذلك المزاج بسبب كل هذا البؤس الذي تسببه الحياة تحت الحصار
-
2:30 - 2:36كان ذلك قبل هذا الصباح عندما انفتح كل الجحيم خارج نافذتي
-
2:36 - 2:41استيقظنا على صوت سقوط القنابل التي نزل العديد منها على بعد بضعة مئات من الأمتار من منزلي
-
2:41 - 2:49وقد سقط بعض من أصدقائي صريعاً بفعل تلك القنابل.
-
2:49 - 2:53وصل عدد الضحايا حتى الآن إلى 210 قتلى، لكن الرقم يتجه نحو الازدياد بشكل دراماتيكي. إنها عملية سفك دماء غير مسبوقة.
-
2:53 - 3:01لقد دمروا المرفأ المقابل لشقتي حتى سُويِّ بالأرض، وسحقوا مركز الشرطة.
-
3:01 - 3:05بلغني أن وسائل الإعلام الغربية تمالئ إسرائيل مكررةً
-
3:05 - 3:10البيانات الصحفية التي يصدرها الجيش الإسرائيلي بشكل ببغاوي
-
3:10 - 3:15والتي تبعاً لها، فإن الهجمات تستهدف فقط أوكار حماس الإرهابية بدقة تشبه دقة العملية الجراحية.
-
3:15 - 3:22في الواقع الفعلي، عند زيارة مشفى الشفاء وهو مشفى المدينة الرئيس، والتحديق في الخطوط الفوضوية التي تشكّلها الجثث الملقاة في فنائه
-
3:22 - 3:28فإننا في الغالب ما نرى مدنيين بين أولئك الذين ينتظرون العلاج، مستلقين بشكل عشوائي جنباً إلى جنب جثث أخرى تنتظر دفناً شرعياً.
-
3:28 - 3:38هل يمكنك أن تتخيل غزَّة؟ كل منزل فيها يتكئ على الآخر وكل بناء يرتفع فوق البناء المتاخم.
-
3:38 - 3:45غزَّة هي المكان الأعلى كثافة سكانية في العالم
-
3:45 - 3:49والذي يعني أنه عندما تلقي قنبلة من ارتفاع 10000 متر فإنك بشكل حتمي ستذبح العديد من المدنيين.
-
3:49 - 3:56إنك تعلم ذلك، وبالتالي أنت مذنب ومدان، فهذه الجريمة لم تقع عن طريق الخطأ، وبالتأكيد ليس هنالك أي مجال لتجنّب حصول أضرار جانبية.
-
3:56 - 4:02عندما قُصِفَ مركز الشرطة الرئيس في العباس
-
4:02 - 4:08تضررت المدرسة الابتدائية المجاورة أيضاً بفعل الانفجار.
-
4:08 - 4:13كان الوقت نهاية الدوام الدراسي وكان التلاميذ في الشارع.
-
4:13 - 4:17أغلبهم مُزِّقَت مريلاتهم السماوية اللون المتناثرة، كانت مضمخة بالدماء.
-
4:17 - 4:22وعند قصف أكاديمية الشرطة في دير البلح
-
4:22 - 4:26سقط بعض القتلى والجرحى في السوق المجاور، وهو سوق غزَّة الرئيس.
-
4:26 - 4:32لقد رأينا الدماء تسيل من جثث الحيوانات والبشر وتمتزج ببعضها لتجري في جداول على إسفلت الطرقات.
-
4:32 - 4:41إنها غيرنيكا تتجلى حقيقة!!
-
4:41 - 4:46رأيت جثامين عديدة في لباس موحّد في كثير من المشافي التي زرتها، واعلم أن العديد منها يعود لأطفال.
-
4:46 - 4:53اعتدت أن ألقي التحية عليهم كلما أقابلهم في الشارع وأنا في طريقي إلى الميناء أو أتمشى نحو المقهى الرئيس في المساء.
-
4:53 - 5:01أعرف العديد منهم بالاسم. اسم وتاريخ وعائلة متقطعة الأوصال.
-
5:01 - 5:07كانت الغالبية العظمى من الضحايا شباناً بين الـ 18 والـ 20 من العمر،
-
5:07 - 5:11وأغلبهم كانوا من دون ميول سياسية. فهم لا يؤيدون فتح ولا حماس،
-
5:11 - 5:14وبكل بساطة انتسبوا إلى قوات الشرطة بعدما أنهوا دراستهم الجامعية
-
5:14 - 5:19لكي يؤمّنوا لأنفسهم فرصة عمل في غزَّة
-
5:19 - 5:23التي تعيش تحت الحصار الإسرائيلي المجرم حيث وصلت نسبة العاطلين عن العمل فيها إلى 60% من السكان.
-
5:23 - 5:30ليس لديّ اهتمام بالدعاية
-
5:30 - 5:33وأنا أدع عينيّ تشهدان، وأبقي أذنيّ مصغيتين لأصوات صفارات الإنذار وقرقعات الـ TNT.
-
5:33 - 5:40لم أرَ أيّ «إرهابي» بين المصابين هذا اليوم، ليس هنالك سوى مدنيين ورجال شرطة.
-
5:40 - 5:45ليلة البارحة فقط كنت أمرح مع اثنين منهم حول طريقتهم بارتداء القفطان اتقاءً للبرد
-
5:45 - 5:51أريد الحقيقة لأعوّض لهؤلاء الموتى.
-
5:51 - 5:56لم يطلقوا ولو طلقة واحدة ضد إسرائيل، كما لم تكن لهم النية في ذلك
-
5:56 - 6:00ما دامت وظيفتهم لا تتطلب ذلك. كانوا يعملون كمراقبين لحركة السير مسؤولين عن الأمن الداخلي.
-
6:00 - 6:07كما إن الميناء كان بعيداً جداً عن الحدود الإسرائيلية على كل حال.
-
6:07 - 6:13لديّ كاميرا تصوير فيديو، لكنني اكتشفت اليوم مدى فشلي الفظيع كمصِّور.
-
6:13 - 6:18بالإضافة إلى أنه ليس لديّ الجرأة على تصوير الجثث المشوّهة أو الوجوه المبللة بالدموع. لا أستطيع التصوير،
-
6:18 - 6:23فأنا نفسي انخرطت بالبكاء.
-
6:23 - 6:27ذهبت والمتطوعون الآخرون من حركة التضامن الدولية إلى مشفى الشفاء للتبرع بالدم.
-
6:27 - 6:35وهناك تلقّينا اتصالاً يفيد بأن سارة، الصديقة العزيزة،
-
6:35 - 6:39قد قتلت بسبب إصابتها بشظية قرب منزلها في مخيم جباليا للاجئين.
-
6:39 - 6:47كانت شخصاً محبباً بروح مشرقة، وقد خرجت لتشتري الخبز لعائلتها.
-
6:47 - 6:53رحلت وتركت وراءها 13 طفلاً.
-
6:53 - 6:56تلقيت منذ لحظة مكالمة من توفيق في قبرص،
-
6:56 - 6:59وتوفيق هو طالب فلسطيني أسعفه حظه فغادر معسكر الاعتقال الهائل المسمى غزَّة
-
6:59 - 7:06على ظهر أحد قواربنا التابعة لحركة غزَّة الحرة كي يبدأ من جديد في مكان آخر.
-
7:06 - 7:13سألني إن كنت قد زرت عمه ونقلت سلامه إليه كما وعدته.
-
7:13 - 7:20لقد اعتذرت لأنه لم يكن لديّ الوقت الكافي.
-
7:20 - 7:25وفي جميع الأحوال كان الوقت قد تأخر، لقد دفن تحت الأنقاض في منطقة المرفأ مع آخرين.
-
7:25 - 7:30أطلقت إسرائيل تهديدها الرهيب بأن ما حصل حتى الآن هو مجرد اليوم الأول من حملة القصف التي قد تستمر لأسبوعين.
-
7:30 - 7:33إنهم يريدون تحويل المكان إلى صحراء، ثم يُسمّونها عمليةً للسلام.
-
7:33 - 7:40في هذا الوقت يأتي صمت العالم (المتحضر) الذي يصيب الآذان بالصمم أكثر من أصوات الانفجارات التي تغطّي المدينة
-
7:40 - 7:44ككفنٍ من الموت والإرهاب.
-
7:44 - 7:50حافظوا على إنسانيتكم!
-
7:50 - 7:5329 كانون الأول/ديسمبر 2008
-
7:53 - 8:10الموت ببطء في أثناء إصغاء السمع من دون جدوى
-
8:10 - 8:13رائحة الفوسفور اللاذعة
-
8:13 - 8:15تملأ الهواء بينما السماء ترتجف بفعل زلزلة الأرض المستمر.
-
8:15 - 8:18أصبحت أذناي صمّاوين بفعل الانفجارات، أمّا عيناي فمملوءتان بالدموع بسبب كل هذه الجثث.
-
8:18 - 8:22وقفت أمام مشفى الشفاء، وهو المشفى الرئيس في غزَّة،
-
8:22 - 8:29عندما تلقينا التحذير الإسرائيلي الرهيب الأحدث: لقد قرروا قصف الجناح الذي في طور البناء.
-
8:29 - 8:33لم يكن ذلك أول استهداف للمشافي، فالبارحة تعرّض مشفى الوئام للقصف،
-
8:33 - 8:39ومستودع الأدوية في رفح، والجامعة الإسلامية،
-
8:39 - 8:44وعدد من المساجد الموزعة في كل أنحاء القطاع، من دون الحاجة إلى ذكر العديد من البنى التحتية التابعة للمواطنين والتي قصفت أيضاً.
-
8:44 - 8:49على ما يبدو، وحين لم تعد قادرة على إيجاد أهداف محسوسة، اتجهت القوات الجوية والبحرية الإسرائيلية إلى قتل الوقت باستهداف
-
8:49 - 8:55أماكن العبادة والمدارس والمستشفيات.
-
8:55 - 9:01في كل ساعة وفي كل دقيقة تتكرر أحداث 11 أيلول/سبتمبر هنا،
-
9:01 - 9:03والغد هو دائماً يومٌ جديدٌ للحِداد، جالباً معه يأساً يوازي ذلك الحداد.
-
9:03 - 9:07يمكنك ملاحظة الطائرات الحربية والحوامات وهي تجوب السماء بشكل مستمر،
-
9:07 - 9:12ترى وميضاً، لكنك أصبحت هالكاً لا محالة، فقد فات أوان الهروب.
-
9:12 - 9:15لا يوجد في القطاع ملاجئ مضادة للقنابل، وليس هنالك في الواقع مكانٌ آمن.
-
9:15 - 9:20لا أستطيع الاتصال بأصدقائي في رفح ولا حتى بأولئك الذين يعيشون شمال مدينة غزَّة،
-
9:20 - 9:25راجياً أن يكون السبب هو الضغط على خطوط الاتصالات، آمل ذلك.
-
9:25 - 9:30لم أنم منذ 60 ساعة ويمكن قول الشيء نفسه عن الغزيين.
-
9:30 - 9:34أمضيت ليلة البارحة برفقة ثلاثة أشخاص من أعضاء حركة التضامن الدولية في مشفى العودة في مخيم جباليا للاجئين.
-
9:34 - 9:38وكنا في حالة ترقب مخيف للهجوم البري الأكثر رعباً والذي لم يسبق له مثيل.
-
9:38 - 9:46لكن الدبابات الإسرائيلية اصطفت على طول حدود القطاع
-
9:46 - 9:52كما تكلمنا، مالئةً طريقها بالصرير كما لو كانت في موكب جنائزي.
-
9:52 - 9:57حوالي الساعة الحادية عشرة والنصف سقطت قنبلة على بعد 800 متر من المشفى،
-
9:57 - 10:01فأدت موجة الصدمة الصادرة عن الانفجار إلى نسف العديد من نوافذه وتفتيتها إلى قطع صغيرة، مما أدى إلى جرح النزلاء الجرحى بطبيعة الحال.
-
10:01 - 10:06هرعت سيارة إسعاف إلى مكان وقوع القنبلة حيث قُصِفَ أحد المساجد، لكنه ولحسن الحظ كان فارغاً حينها.
-
10:06 - 10:13لسوء الحظ (رغم أن الحظ لا يمكنه أن يفعل شيئاً
-
10:13 - 10:19فما بالك مع المجرم والإرهاب المتعمد الذين سيقومان بمجزرة ضد المدنيين).
-
10:19 - 10:23ضربت القنبلة الإسرائيلية كذلك بناءاً مجاوراً للمسجد الذي دُمِّر تدميراً شبه كامل.
-
10:23 - 10:28راقبنا بينما كان يتم سحب ستة أجساد بالغة الصغر لستّ أخوات من تحت الركام،
-
10:28 - 10:32خمس منهن قتلى وواحدة بين الحياة الموت. قاموا بتمديد الفتيات الصغيرات على الإسفلت الأسود،
-
10:32 - 10:36حيث بَدَونَ مثل دمىً محطمةً ومرميةً وكأنها أصبحت غير قابلةٍ للاستعمال.
-
10:36 - 10:42لم يكن قتلهن قد حصل بالخطأ، إنه رعب متعمَّد واستخفافي.
-
10:42 - 10:46وحسبما قال الأطباء في مشفى الشفاء وصل عدد الضحايا حتى هذه اللحظة إلى 320 شهيداً وأكثر من 1000 جريح،
-
10:46 - 10:49سيواجه حوالى 60% منهم مصيرهم بالموت خلال الساعات أو الأيام القادمة بعد أن يكونوا قد تحمّلوا المعاناة الطويلة
-
10:49 - 10:55هنالك العديد من المفقودين.
-
10:55 - 11:02خلال اليومين الماضيين كانت هنالك نساء يائسات يبحثن عن أزواجهن
-
11:02 - 11:04أو أبنائهن في المشافي، لكن في الغالب من دون جدوى.
-
11:04 - 11:07كان منظر المشرحة مرعباً.
-
11:07 - 11:09أبلغتني إحدى الممرضات أنه بعد ساعات من البحث بين أشلاء القتلى في الثلاجة، ميزت امرأة فلسطينية
-
11:09 - 11:12يد زوجها المبتورة. كان ذلك كل ما بقي لها من زوجها،
-
11:12 - 11:15بالإضافة إلى محبس الزواج في إصبعه، بقيةُ حبٍّ أبديٍّ كان كلٌّ منهما قد أقسم للآخر على الإخلاص له.
-
11:15 - 11:19خارج أحد المنازل الذي كانت تسكنه عائلتان، تتوضع بعض أشلاء هي ما تبقى منهم،
-
11:19 - 11:25لقد أظهروا لأقاربهم نصف جذع إنسان وثلاث أرجل.
-
11:25 - 11:30يغادر في هذا الوقت أحد القوارب التابعة لحركة غزَّة الحرة ميناء لارنكا في قبرص.
-
11:30 - 11:36اتصلت بأصدقائي على متن المركب، لقد جمعوا كميات من الأدوية وحمّلوها بإحكام في المركب
-
11:36 - 11:39يجب أن يصل غزَّة غداً حوالى الساعة الثامنة مساء.
-
11:39 - 11:46بدورنا نحن على هذا الطرف نتمنى أن يستمر الميناء في الوجود بعد ليلة أخرى من القصف المتواصل.
-
11:46 - 11:52سأبقى على اتصال بهم في رحلتهم خلال هذه الليلة.
-
11:52 - 11:56رجاءً، ليوقف أحدٌ ما هذا الكابوس.
-
11:56 - 12:00إن اختيار البقاء صامتاً يعني بطريقة أو بأخرى تقديم الدعم للذين يقومون بالإبادة الجماعية التي تجري حالياً.
-
12:00 - 12:03فلتصرخوا معبّرين عن نقمتكم في كل عاصمة من عواصم العالم (المتحضّر)،
-
12:03 - 12:05في كل مدينة، وفي كل ساحة، ولتعبّر هذه الصرخات عن الألم والرعب.
-
12:05 - 12:10هنالك شريحة من البشر تموت بينما تصيخ السمع بألم، بانتظار أية استجابة.
-
12:10 - 12:14حافظوا على إنسانيتكم!
-
12:14 - 12:1930 كانون الأول/ديسمبر 2008
-
12:19 - 12:23مصانع الملائكة
-
12:23 - 12:54كانت جباليا وبيت حانون ورفح ومدينة غزَّة المحطات الأولى لرحلتي وفق خريطتي الخاصة إلى الجحيم.
-
12:54 - 12:58مهما نشر الإعلام من أقوال كبار القادة الإسرائيليين
-
12:58 - 13:02فسيتم ترديده في أوربا والولايات المتحدة بشكل ببغاوي بعد مروره على خبراء التضليل
-
13:02 - 13:14إلا أنني بذاتي كنت في الأيام القليلة الماضية شاهد عيانٍ على قصف المساجد والمدارس
-
13:14 - 13:22والجامعات والمشافي والأسواق والكثير الكثير من الأبنية المدنية.
-
13:22 - 13:31أكد مدير مشفى الشفاء
-
13:31 - 13:42أنه قد تلقى اتصالات من عناصر في الجيش الإسرائيلي
-
13:42 - 13:51تأمره بإخلاء المشفى وإلا فإنه سيواجه مصير إمطاره بالصواريخ. لكنهم لن يسمحوا للجيش أن يرعبهم.
-
13:51 - 13:57عليَّ أن أنام في المرفأ (بالرغم من أن أعيننا لم تغمض لمرة واحدة في غزَّة منذ أربعة أيام على الأقل)،
-
13:57 - 14:04لكن هذا المرفأ كان عرضة للقصف المتواصل طيلة الليل.
-
14:04 - 14:23لم تعد تُسمَع أصوات صفارات سيارات الإسعاف خلال جولاتها المحمومة،
-
14:23 - 14:28ولسبب بسيط هو أنه لم تبقَ أرواح حية في الميناء والضواحي المحيطة به. الجميع أموات،
-
14:28 - 14:35ويبدو الأمر كأنك تدوس في مقبرة إثر وقوع زلزال.
-
14:35 - 14:45الوضع أشبه ما يكون بوقوع كارثة طبيعية، إنه حقد دفين وثوران كلبي
-
14:45 - 15:02صب فوق رؤوس الناس في غزَّة مثل الرصاص الذائب، ممزِّقاً الأجساد البشرية إلى قطع.
-
15:02 - 15:11وعلى عكس كل التوقعات، وحَّدَ هذا العدوان الفلسطينيين قاطبة وجمعهم عبر معاناتهم الجماعية مذبحةً شنيعة.
-
15:11 - 15:23كان هنالك أناس لم يُلقوا التحية على بعضهم حتى الفترة الأخيرة
-
15:23 - 15:35وذلك بسبب انتمائهم إلى فصائل متعارضة.
-
15:35 - 15:45لكن عندما يسقط وابل القنابل من السماء على ارتفاع 10000 متر
-
15:45 - 15:59عليك أن تكون على ثقة بأنها لن تقوم بالتفريق بين الرايات المدلاة من نافذتك سواء أكانت لحماس أم لفتح.
-
15:59 - 16:09كما إنه ليس هنالك ما يسمى بعملية عسكرية أشبه بالجراحية بدقتها.
-
16:09 - 16:20فعندما بدأت القوات الجوية والبحرية قصفها كانت العمليات الجراحية الوحيدة التي جرت
-
16:20 - 16:34هي ما قام به الأطباء بلا تردد بقطع أطراف تحولت إلى ما يشبه العجينة
-
16:34 - 16:43حتى ولو كان بالإمكان إنقاذ تلك الأيادي أو الأرجل.
-
16:43 - 16:56ليس هنالك وقت، عليك بالركض، فالوقت الذي ستمضيه بشكل جديّ بمعالجة الأطراف المصابة
-
16:56 - 17:06ربما يسبب وفاةً للجريح التالي الذي ينتظر بالرتل كي ينقل للعلاج أو إلى ما هو أسوا من ذلك.
-
17:06 - 17:14يوجد في مشفى الشفاء 600 مريض مقيم، حالاتهم حرجة إلى حد كبير، مع عدم توفر سوى 29 جهاز تنفس اصطناعي.
-
17:14 - 17:28لديهم نقص في كل شيء وخاصة في الطاقم الخبير.
-
17:28 - 17:38لهذا السبب بعينه، كنا منهكين (ولا يعود السبب الرئيس لقلة النوم
-
17:38 - 17:55بقدر ما هو بسبب لا مبالاة ورضوخ الحكومات الغربية لإسرائيل في جرائمها).
-
17:55 - 18:03قررنا الليلة الماضية أنه الوقت المناسب لإحدى السفن الأربع التابعة لحركة غزَّة الحرة كي تغادر ميناء لارنكا في قبرص
-
18:03 - 18:11حاملةً طاقماً طبياً وثلاثة أطنان من الأدوية.
-
18:11 - 18:24انتظرتهم لكن من دون جدوى، كان من المفترض أن يرسو مركبهم في الثامنة من هذا الصباح.
-
18:24 - 18:37لكن بدل ذلك اعترضتهم 11 سفينة حربية إسرائيلية على بعد 90 ميلاً بحرياً من غزَّة،
-
18:37 - 18:44في محاولة منهم لإغراقهم في المياه الدولية.
-
18:44 - 18:56لقد صدموهم ثلاث مرات
-
18:56 - 19:07مسببين خللاً في عمل المحرك وتسرباً في الهيكل.
-
19:07 - 19:13وبالصدفة المحضة بقي الطاقم والركاب على قيد الحياة
-
19:13 - 19:19وقرروا إرساء المركب في ميناء صور في جنوب لبنان.
-
19:19 - 19:25ورغم ازدياد إحباط رفاقي بسبب صمت العالم (المتحضر) المصمّ للآذان
-
19:25 - 19:32فإنهم سيقومون بمحاولة ثانية قريباً.
-
19:32 - 19:41في الحقيقة لقد قاموا بتفريغ الأدوية من مركبنا المتضرر المسمى «الكرامة»
-
19:41 - 19:51وحمّلوها على مركب آخر جاهز للإبحار متوجهاً بشكل مباشر نحو غزَّة.
-
19:51 - 19:58كانت أسئلة بعض الصحافيّين الذين أجروا معي لقاءات تتمحور حول الوضع الإنساني للفلسطينيين في غزَّة
-
19:58 - 20:06وكأن المشكلة تنحصر فقط في الطعام والماء والكهرباء ونقص الوقود
-
20:06 - 20:17أكثر من تمحورها حول من هو المسبّب الفعلي لكل هذا
-
20:17 - 20:31رأيت في مشفى العودة جثثاً لا تُنزَل
-
20:31 - 20:40من سيارات الإسعاف فقط بل من العربات الخشبية التي تقطرها الحيوانات.
-
20:40 - 21:04تقوم الدبابات والطائرات المقاتلة والطائرات بدون طيار وطائرات الأباتشي وأعنف جيش في العالم
-
21:04 - 21:10بمهاجمة أناس يستخدمون الحمير وسيلةَ نقلٍ أساسية لهم، كما في زمن السيد المسيح.
-
21:10 - 21:25وتبعاً لمركز الميزان لمراقبة أوضاع حقوق الإنسان
-
21:25 - 21:37وفي الوقت الذي كنا نتكلم فيه مع الصحافيين قتل 55 طفلاً بسقوط قنبلة،
-
21:37 - 21:54بينما دخل 20 شخصاً في حالة احتضار، كما أصيب 40 شخصاً بجروح بليغة
-
21:54 - 22:02حولت إسرائيل المستشفيات والمشارح الفلسطينية إلى مصانع للملائكة،
-
22:02 - 22:10غير مدركة حجمَ الكراهية التي جلبتها لنفسها في فلسطين وبقية العالم.
-
22:10 - 22:16إن مصانع الملائكة تنتج ملائكة عبر خط إنتاج يعمل من دون توقف في هذه الليلة أيضاً:
-
22:16 - 22:26أستطيع الجزم بذلك من أصوات الانفجارات التي يمكنني سماعها من نافذتي.
-
22:26 - 22:37هذه الجثث المبتورة والمقطعة إلى قطع صغيرة، هذه الحيَوات التي تبددت قبل أن تسنح لها الفرصة بالتفتح،
-
22:37 - 22:47ستبقى كابوساً يتكرر أمامي لبقية حياتي.
-
22:47 - 22:59وإذا كان لا يزال بمقدوري إيجاد القوة التي تدفعني للحديث حول هذا،
-
22:59 - 23:13فإن مردّ ذلك هو فقط أنني أريد تحقيق العدالة لهؤلاء الذين لم يعودوا يمتلكون صوتاً، هؤلاء الذين لم يسبق لهم أن حظوا بفرصة إسماع صوتهم ولو لبرهة،
-
23:13 - 23:23ربما كان ذلك في صالح أولئك الذين ليس لديهم آذان يسمعون بها.
-
23:23 - 23:29حافظوا على إنسانيتكم!
-
23:29 - 23:491 كانون الثاني/يناير 2009
-
23:49 - 23:56الكارثة غير الطبيعية
-
23:56 - 24:41حلّت السنة الجديدة مع استمرار توقّع الكآبة والموت اللذين رافقا سابقتها،
-
24:41 - 24:44لم أرَ من قبل قط هذا القدر من القنابل يسقط حول شقّتي أمام المرفأ،
-
24:44 - 24:46وقع انفجار على بعد 100 مترٍ اهتزازاً قوياً لبنايتنا المؤلفة من سبعة طوابق،
-
24:46 - 24:52جاعلاَ إياها تتأرجح كرقّاص ساعةٍ مجنونٍ.
-
24:52 - 24:55عندما انفجرت ألواح زجاج النافذة، اعترانا الخوف من أن البناية ستنقلب.
-
24:55 - 25:00كانت لحظة رعب صلّيت وتعلّقت بوهم أن تكون البناية قد شيدت وفق معايير مقاومة الزلازل
-
25:00 - 25:03**وهم غير محتمل,
-
25:03 - 25:08** غزَّة قد توضّعت على طول خط من الأرض لا يتعرض للزلازل.
-
25:08 - 25:15الزلازل من حولنا تسمى إسرائيل.
-
25:15 - 25:17استمرّيت في بحثي المستميت عن هؤلاء الأصدقاء الذين لم يعودوا يجيبون على الهاتف.
-
25:17 - 25:21** أحمد في منزله,
-
25:21 - 25:25** في أحد الأبنية الذي ما زال قائماً في مركز حيّ تلّ الهوى في مدينة غزَّة
-
25:25 - 25:30** من حوله
-
25:30 - 25:33سيناريو إيحائي يعيد ما حصل في حي الشيعة في بيروت
-
25:33 - 25:38..بعد أن عملت القنابل على تسويته بالأرض في حرب 2006
-
25:38 - 25:39**تلك القنابل و من نفس المصدر تسقط على رؤوسنا حالياً.
-
25:39 - 25:44احمد بخير,
-
25:44 - 25:48** وأقرباؤه بخير,
-
25:48 - 25:52بالرغم من أن والدته كادت تشرف على الموت يوم السبت الماضي.
-
25:52 - 25:54إنها تُدرِّس في مدرسة بلقيس التابعة للأونروا
-
25:54 - 25:56في ذلك اليوم بقيت في صفها فترة أكثر قليلاً من المعتاد,
-
25:56 - 25:59وهو ما ساهم في بقائها على قيد الحياة.
-
25:59 - 26:03فقد دفن العديد من التلاميذ بينما كانوا يقفون في موقف الباص تحت ركامٍ نَجمَ عن انفجار قريب.
-
26:03 - 26:06** فقد دفن العديد من التلاميذ بينما كانوا يقفون في موقف الباص تحت ركامٍ نَجمَ عن انفجار قريب.
-
26:06 - 26:08كما وقعت قنبلة في الليلة الماضية على سيارة أحمد
-
26:08 - 26:10الفستقية اللون والاقتصادية ,
-
26:10 - 26:17****اذ كان يتجوّل فيها باحثاً عن خبز،
-
26:17 - 26:20...في مدينة أصبح يباع فيها الطحين بثمن يعادل ثمن الذهب.
-
26:20 - 26:22بالنسبة إلى رفيق، فقد استطعت في النهاية الوصول إليه عبر الهاتف.,
-
26:22 - 26:27بدا صوته الخفيض وكأنه يحاول أن يرتفع من عمق سحيق
-
26:27 - 26:31وطبقة صوته تشي باليأس والحزن...
-
26:31 - 26:34بسبب سماعه للتو خبر وفاة ثلاثة من أعز أصدقائه خلال الهجوم على الميناء.
-
26:34 - 26:37في واحدة من أواخر المقاهي التي لا تزال تعمل في غزَّة ,
-
26:37 - 26:40**** والتي تقدم القهوة إضافة إلى خدمة الإنترنيت،
-
26:40 - 26:47ومع ابتسامة سخرية تعلو وجهي، عرضت على صديقين مقالة أخبارية على جهاز حاسوبي المحمول...
-
26:47 - 26:50.تتحدث عن «قتيل و382 جريحاً»
-
26:50 - 26:54لم تكن تلك المقالة تتمحور حول العدد المتوقع لضحايا سقوط صاروخ القسام
-
26:54 - 26:58** الذي أطلق نحو إسرائيل البارحة ولم يسبب أذى لأحد،
-
26:58 - 27:02كن كان ذلك من آثار المذبحة التي سببتها عروض الألعاب النارية التي أطلقت في إيطاليا احتفالاً بالسنة الجديدة
-
27:02 - 27:07أبلغت أصدقائي أن حماس تكون ساذجة,
-
27:07 - 27:10إذا كانت تعتقد أن بإمكانها مقارعة إسرائيل باستخدامها هذه الألعاب المصنوعة محلياً.
-
27:10 - 27:15عليهم أن يأخذوا دروساً في نابلس لصناعة صواريخ قاتلة حقيقية.
-
27:15 - 27:18بالنسبة إليّ، وحيث إنني شخص مسالم ومن دعاة اللاعنف، فإنني أشمئزّ من أي نوع من الهجمات الفلسطينية ضد إسرائيل،
-
27:18 - 27:22لكننا هنا في أشد درجات الغضب من تلك الأقوال المأثورة القديمة والمضجرة,
-
27:22 - 27:30...التي تقول إن هذه المذبحة...
-
27:30 - 27:36هي ردّ فعل إسرائيل على إطلاق الفلسطينيين لتلك الصواريخ المتواضعة المصنوعة محلياً.
-
27:36 - 27:39ولأجل الدقة، فإنه منذ عام 2002 حتى يومنا هذا
-
27:39 - 27:42..لم تؤدِّ صواريخ القسام التي أطلقت على إسرائيل سوى إلى مقتل 18 شخصاً فقط،
-
27:42 - 27:47بينما أحصينا يوم السبت الماضي وفي غضون ساعتين فقط
-
27:47 - 27:50سقوط أكثر من 250 قتيلاً من المدنيين في مشافي غزَّة..
-
27:50 - 27:54استعلمت في المقهى حول وقف إطلاق النار الذي دعا إليه الاتحاد الأوروبي ورفضته إسرائيل،
-
27:54 - 27:57مع العلم بأن الاتحاد الأوروبي يستطيع فرض على إسرائيل حين يشاء، كونه واحداً من تلك الشريحة الواسعة من الذين يزودونها بالتجهيزات الحربية الضخمة التي تحتاج إلى استهلاكها والتي تستجرّها من ترسانة هذا الاتحاد..
-
27:57 - 28:03جميعهم يهزّون رؤوسهم وهم متجهّمون..
-
28:03 - 28:09هل كان هنالك حقاً في يوم ما هدنة,
-
28:09 - 28:15قبل هذا الهجوم العنيف على سكان شرعيين مجردين من السلاح؟
-
28:15 - 28:17في تشرين الثاني/نوفمبر وحده قتل الجيش الإسرائيلي 17 فلسطينياً
-
28:17 - 28:19(ليصبح الإجمالي 43 منذ بدء سريان وقف إطلاق النار).
-
28:19 - 28:23وحتى قبل ذلك، فإن الحصار الإجرامي لغزَّة
-
28:23 - 28:28...سببّ وفاة أكثر من 200 مريض فلسطيني.
-
28:28 - 28:32أولئك المرضى الذين لديهم موافقات للعلاج في مستشفيات أجنبية مدعمة بالوثائق التي في حوزتهم،
-
28:32 - 28:36...وقد منعوا من الخروج إلى أي مكان بسبب إغلاق الحدود.
-
28:36 - 28:40كما دمّر الحصارُ الإجرامي الذي تفرضه إسرائيل الاقتصادَ المترنّح أصلاً ,
-
28:40 - 28:45مخلّفاً نسبة 60% من العاطلين عن العمل،
-
28:45 - 28:50مجبراً 80% من العائلات الفلسطينية على العيش على المساعدات الإنسانية.
-
28:50 - 28:54هذه المساعدات التي تصل بالقطَّارة ..
-
28:54 - 28:57...عابرة الستار الحديدي الذي ضرب حول أكبر سجن مفتوح في العالم غزَّة!
-
28:57 - 29:02أُجبرنا على إخلاء المقهى بسرعة ,
-
29:02 - 29:08بعد تلقّي عدد لا يحصى من مكالمات التهديد بأن المقهى سيقصف وفي غضون دقائق.
-
29:08 - 29:14البارحة في مخيم جباليا للاجئين.
-
29:14 - 29:17أطلقت طائرة إف 16,عدة صواريخ على سيارة إسعاف
-
29:17 - 29:24توفي الطبيب إيهاب المدهون
-
29:24 - 29:27وممرضه الأمين محمد أبو حصيرة.
-
29:27 - 29:32** لهذا السبب ظهرنا نحن - متطوّعي حركة التضامن الدولية
-
29:32 - 29:36في مؤتمر صحافي
-
29:36 - 29:39أمام كاميرات محطات التلفزة الفلسطينية الأكثر شعبية.
-
29:39 - 29:44**أبلغنا إسرائيل..
-
29:44 - 29:46... أننا سوف نركب سيارات الإسعاف هذه,
-
29:46 - 29:50آملين أن يكون وجودنا فيها، كدوليين، رادعاً، ولو بسيطاً،
-
29:50 - 29:54***...ضد هذه الجرائم الدموية واللاإنسانية.
-
29:54 - 29:58أحياناً تصبح أحاديثنا كئيبة إلى حدّ ما:
-
29:58 - 30:03من المحتمل في نهاية هذا الهجوم الدموي الهائل...
-
30:03 - 30:06...أن يخرج عدد منا إلى هناك ويُجري إحصاءً نهائياً للعدد الكبير من الضحايا الموزعين بين قتلى ومفقودين.
-
30:06 - 30:12أما في الوقت الراهن فإننا نحاول ألاّ نفكر بذلك.
-
30:12 - 30:15حافظوا على إنسانيتكم!
-
30:15 - 30:213 كانون الثاني/يناير 2009
-
30:21 - 30:25أرواح تطالب بالعدالة
-
30:25 - 30:58بينما أكتب هذه الكلمات، تكون الدبابات الإسرائيلية قد دخلت القطاع
-
30:58 - 31:00بدأ اليوم بالطريقة ذاتها التي انتهى فيها اليوم الذي سبقه
-
31:00 - 31:03الأرض تهتز تحت أقدامنا
-
31:03 - 31:06السماء والبحر يتواطئان ضدنا إلى ما لا نهاية في الأعلى
-
31:06 - 31:10وعلى الأقدار معلّقة مصائر مليون ونصف المليون من الناس
-
31:10 - 31:13الذين خرجوا من مأساة العيش تحت الحصار إلى العيش في كارثة الهجوم
-
31:13 - 31:16الذي يستهدف المدنيين
-
31:16 - 31:19بدا الأفق مضطرباً بسبب اللهب الذي يغطيه
-
31:19 - 31:22، وكانت أصوات طلقات المدافع تسمع من البحر بينما كانت القنابل تنهمر كالمطر من السماء طيلة الصباح.
-
31:22 - 31:26قوارب الصيد ذاتها التي اصطحبناها إلى داخل البحر المفتوح منذ عدة أيام
-
31:26 - 31:29ووصلنا بها أبعد من تلك الأميال الستة المفروضة من قبل إسرائيل بحصارها غير القانوني والإجرامي
-
31:29 - 31:36قد تحولت الآن إلى حطام متفحّم
-
31:36 - 31:40إذا حاول رجال الإطفاء القضاء على الحرائق
-
31:40 - 31:45فإنهم سيتحولون على الفور إلى أهداف لبنادق الإف16¬
-
31:45 - 31:48كما حصل البارحة.
-
31:48 - 31:52بعد هجوم آخر،
-
31:52 - 31:56وعندما يكون قد عُرف العدد المتوقع للقتلى (إذا كان ذلك ممكناً)
-
31:56 - 31:59سيكون لزاماً إعادة بناء المدينة فوق صحراء من الأنقاض.
-
31:59 - 32:01أعلنت وزيرة الخارجية الإسرائيلية
-
32:01 - 32:07للعالم أنه ليس هنالك حالة طوارئ إنسانية في غزَّة.
-
32:07 - 32:11من الواضح أن من يعتبر نفسه المحتكر الوحيد للأرقام
-
32:11 - 32:14هو في موقف إنكار لهذه المذبحة وسيكون تماماً مثل الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد
-
32:14 - 32:19إن الفلسطينيين متفقون مع تسيبي ليفني على شيء واحد
-
32:19 - 32:23وهو (كما أبلغني جوزيف، سائق سيارة الإسعاف الذي يدعو ليفني «القاتلة وعميلة الموساد المحترفة السابقة»)
-
32:23 - 32:28سيدخل المزيد من الغذاء عبر الحدود
-
32:28 - 32:32لأنه ببساطة لم يدخل شيء في كانون الأول/ديسمبر
-
32:32 - 32:38حيث لم يتم السماح بمرور أي شيء عبر سياج الأسلاك الشائكة الذي ضربته إسرائيل.
-
32:38 - 32:41. ولكن ما الغاية من بيع الخبز الطازج في مقبرة؟
-
32:41 - 32:44أولى الأولويات هي وجوب إيقاف القصف بشكل فوري،
-
32:44 - 32:47وقبل تزويد الباقين على قيد الحياة بأي شيء.
-
32:47 - 32:53فالجثث لا تأكل،
-
32:53 - 32:57إنها فقط تؤمّن السماد العضوي للتربة،
-
32:57 - 33:01وفي الوقت الحاضر لم تكن غزَّة أكثر خصوبة مما هي الآن نتيجة تفسّخ الجثث.
-
33:01 - 33:03من جهة أخرى، ينبغي أن تزيد جثث الأطفال المنزوعة الأحشاء والموجودة في المشارح
-
33:03 - 33:05من الشعورَ بالذنب عند أولئك المتفرجين غير المبالين
-
33:05 - 33:11والذين بإمكانهم فعل شيء ما.
-
33:11 - 33:15فقد ظهرت صور الرئيس الأمريكي باراك أوباما وهو يلعب الغولف
-
33:15 - 33:19شاشات كل القنوات الفضائية العربية
-
33:19 - 33:22العربية في مشهد بدا وكأنه (إحراز) مزيد من ثياب الحداد التي تغطي هذه الأرض
-
33:22 - 33:27(وبحدوث ذلك، فإنه لا يوجد أحد هنا يتوهم بأن أوباما سيصنع الأعاجيب
-
33:27 - 33:30كي يغيّر سياسة الولايات المتحدة بشكل جذري).
-
33:30 - 33:34فتحت إسرائيل معبر إيريتس البارحة
-
33:34 - 33:38كي تُخرِجَ كل الأجانب الذين ما زالوا يوجدون في غزَّة.
-
33:38 - 33:43ولم يبقَ سوانا نحن أعضاء حركة التضامن الدولية،
-
33:43 - 33:47xxx
-
33:47 - 33:51حيث خاطبنا اليوم الحكومة الإسرائيلية عبر مؤتمر صحافي
-
33:51 - 33:53شارحين لها الدوافع التي ألزمتنا بالبقاء.
-
33:53 - 33:55لقد شعرنا بالاشمئزاز نتيجة فتح المعابر لإخراج الأجانب
-
33:55 - 34:00الذين يعتبرون الشهود العيان الوحيدين لهذه المجزرة،
-
34:00 - 34:04بينما أبقوها محكمة الإغلاق
-
34:04 - 34:09لمنع دخول الأطباء والممرضين الأمميين
-
34:09 - 34:12الذين كافحوا للدخول وإيصال بعض مواد الإغاثة لزملائهم الفلسطينيين الأبطال.
-
34:12 - 34:15لن نذهب إلى أي مكان
-
34:15 - 34:18لأننا نؤمن بأن وجودنا هنا ضروري
-
34:18 - 34:24لتقديم رواية شاهد عان للجرائم التي تُقتَرف بحق سكان مدنيين مجردين من السلاح
-
34:24 - 34:26ساعة بساعة ودقيقة بدقيقة.
-
34:26 - 34:28لقد وصل عدد الضحايا حتى هذه اللحظة إلى أكثر من 445 قتيلاً
-
34:28 - 34:34وأكثر من 2300 جريح، والعديد العديد من المفقودين.
-
34:34 - 34:37وفي الوقت الذي كنت أكتب فيه هذا التقرير قطَّعت قنبلة أجساد 63 من القاصرين إلى أشلاء.
-
34:37 - 34:40في حين لم تعلن إسرائيل حتى هذه اللحظة سوى عن سقوط ثلاثة قتلى في جانبها
-
34:40 - 34:45لم نَلُذْ بالفرار
-
34:45 - 34:50كما نصحتنا قنصلياتنا
-
34:50 - 34:54لأننا مدركون بأن إسهامنا من خلال وجودنا كدروع بشرية في سيارات الإسعاف التي تقدّم الإسعافات الأولية
-
34:54 - 34:56يمكن أن يكون حاسماً في إنقاذ الأرواح.
-
34:56 - 34:59مرة أخرى قصف الطيران الإسرائيلي الليلة الماضية سيارة إسعاف في مدينة غزَّة.
-
34:59 - 35:04ومنذ يومين توفي طبيبان في مخيم جباليا
-
35:04 - 35:08للاجئين بفعل صاروخ أطلق عليهما من مروحية أباتشي.
-
35:08 - 35:14. شخصياً، أنا لن أغادر القطاع
-
35:14 - 35:17لأن أصدقائي ناشدوني ألا أتخلى عنهم،
-
35:17 - 35:21أصدقائي الناجين إضافة إلى القتلى منهم
-
35:21 - 35:24الذين يحتشدون حولي كالأشباح في الليالي التي يجافيني فيها النوم،
-
35:24 - 35:27وجوههم الشفافة ما زالت تبتسم لي.
-
35:27 - 35:30الوقت: الساعة 7 و33 دقيقة مساءً،
-
35:30 - 35:33المكان: مشفى الهلال الأحمر في جباليا.
-
35:33 - 35:37. وبينما كنت متصلاً عبر الهاتف مع حشود المتظاهرين في ميلانو
-
35:37 - 35:39سقط العديد من القنابل أمام المشفى.
-
35:39 - 35:42تحطّم الزجاج الأمامي،
-
35:42 - 35:46ولحسن المصادفات لم تتضرر سيارات الإسعاف.
-
35:46 - 35:49أصبح القصف أكثر تكراراً وقوة في الساعات الأخيرة.
-
35:49 - 35:50وقد انهار مسجد إبراهيم المقدم بشكل جزئي
-
35:50 - 35:55بفعل القنابل
-
35:55 - 36:00إنه المسجد العاشر الذي يدمّر خلال أسبوع.
-
36:00 - 36:03لقد قتل 12 شخصاً بفعل قصف هذا المسجد وجرح 50 آخرون.
-
36:03 - 36:06استوقفتني سيدة مسنّة قابلتها في الشارع بعد الظهر
-
36:06 - 36:08لتسألني إن كانت إسرائيل تظن نفسها تعيش فترة القرون الوسطى أم عام 2009،
-
36:08 - 36:12إذا أخذنا في الاعتبار الطريقة التي تستمر فيها بضرب المساجد بهذه الدقة.
-
36:12 - 36:15. يبدو الأمر وكأنها تركز على حرب مقدسة شخصية ضد مراكز العبادة الإسلامية في غزَّة.
-
36:15 - 36:21انهمار شديد آخر للقنابل يضرب مخيم جباليا، لتدخل
-
36:21 - 36:26بعده الدبابات. هذه الدبابات التي روّعت المناطق الحدودية بصرير جنازيرها،
-
36:26 - 36:33ها هي الآن تدخل شمال غرب قطاع غزَّة وتدمر البيوت عن بكرة أبيها متراً تلو متر
-
36:33 - 36:38إنهم يدفنون ماضي ومستقبل كل العائلات والمواطنين الحاليين الذين
-
36:38 - 36:43طردوا من أرضهم بطريقة غير شرعية،
-
36:43 - 36:49لم يجدوا أي شكل من الملاجئ التي يمكنها إيواءهم سوى تلك الأكواخ في مخيمات اللاجئين.
-
36:49 - 36:55هُرعنا خارجين إلى جباليا إثر سقوط وابل من التهديدات المرعبة من السماء ليلة الجمعة الماضية:
-
36:55 - 36:58: عبارة عن مئات من الوريقات الصغيرة قذفت من الطائرات
-
36:58 - 37:04حاملةً أوامر بإخلاء مخيم اللاجئين إخلاءً تماماً.
-
37:04 - 37:11لسوء الحظ تم تنفيذ هذا التهديد.
-
37:11 - 37:13. قرر الناس الأكثر ثراء النجاة بشكل فوري حاملين معهم بعض الممتلكات
-
37:13 - 37:17جهاز تلفزيون وجهاز عرض DVD
-
37:17 - 37:20وبعض القطع التذكارية من تلك الحياة التي وجدت مرة على أرض فلسطين،
-
37:20 - 37:25هذه الأرض التي فُقِدَت منذ ما يقارب الستين عاماً.
-
37:25 - 37:27. لم تجد الغالبية العظمى من السكان مكاناً ترحل إليه.
-
37:27 - 37:33. سوف يواجهون تلك الدبابات التواقة لإزهاق أرواحهم
-
37:33 - 37:36بسلاح وحيد ترك لهم،
-
37:36 - 37:39وهو شرف الموت ورؤوسهم شامخة.
-
37:39 - 37:43رفاقي وأنا مدركون الخطر الضخم الذي سنواجهه
-
37:43 - 37:45سنواجهه هذه الليلة أكثر من أي ليلة أخرى.
-
37:45 - 37:49لكننا أكثر شعوراً بالارتياح لوجودنا وسط هذا الجحيم الغزي
-
37:49 - 37:54من استرخائنا في نعيم حضري في أوروبا أو أمريكا،
-
37:54 - 37:57حيث يحتفل الناس بقدوم العام الجديد،
-
37:57 - 38:01غير واعين حقاً لدرجة تواطئهم في تلك اللحظة
-
38:01 - 38:05مع عملية ذبح كل هؤلاء المدنيين.
-
38:05 - 38:08حافظوا على إنسانيتكم!
-
38:08 - 38:115 كانون الثاني/يناير 2009
-
38:11 - 38:16أطباء لهم أجنحة: عرفة عبد الدايم
-
38:16 - 38:51«إلى أهالي غزَّة الأبرياء: إن حربنا ليست موجهة ضدكم بل ضد حركة حماس،
-
38:51 - 38:55، إذا لم يوقفوا إطلاق الصواريخ ضدنا فأنتم في خطر».
-
38:55 - 39:03تلك هي الرسالة التي يخرج بها تسجيل يمكنك سماعه الآن لدى رفعك سماعة الهاتف للرد على المتصل.
-
39:03 - 39:09. الجيش الإسرائيلي يعيش حالة توهُّم
-
39:09 - 39:16أن الفلسطينيين ليس لديهم عيون أو آذان.
-
39:16 - 39:24فلا عيون كي ترى أن القنابل تضرب أهدافاً مدنية على الأغلب،
-
39:24 - 39:28وبشكل خاص المساجد
-
39:28 - 39:31(التي بقصف مسجد عمر بن عبد العزيز في بيت حانون يكون قد وصل عدد المساجد المستهدفة إلى 15)،
-
39:31 - 39:38والمدارس والجامعات والأسواق والمشافي
-
39:38 - 39:40ولا آذان كي تسمع صرخات الأطفال الناتجة عن الألم
-
39:40 - 39:47هؤلاء الأطفال الذين يعتبرون ضحايا بريئة،
-
39:47 - 39:53وفي الوقت نفسه، كان قد تم اتخاذهم مسبقاً هدفاً لأعمال القصف هذه.
-
39:53 - 39:59تبعاً لسجلات المشافي وحتى كتابة هذه السطور،
-
39:59 - 40:01إن 120 من القاصرين قد تم استهدافهم بالقنابل،
-
40:01 - 40:07وبلغت الخسائر في الأرواح 548 حتى هذه اللحظة،
-
40:07 - 40:11بالإضافة إلى 2700 جريح وعدد أكبر من المفقودين.
-
40:11 - 40:15منذ يومين لم يتم التمييز بين الليل والنهار في مشفى الهلال الأحمر في مخيم جباليا للاجئين.
-
40:15 - 40:19فطائرات الأباتشي تمطرنا بشكل متواصل بالقنابل المضيئة
-
40:19 - 40:26لدرجة لم يعد باستطاعتنا التمييز فيها بين الليل والنهار.
-
40:26 - 40:33وقد أحدثت نيران المدفعية المتكررة الصادرة عن دبابة تتمركز على بعد أقل من كيلومتر من المشفى
-
40:33 - 40:39فتحات خطيرة في جدران المشفى،
-
40:39 - 40:43لكن تم تدبّر طريقة لإبقائها صامدة وسليمة إلى حد ما حتى الصباح.
-
40:43 - 40:48. أُطلقت عشر قنابل من الفوسفور الأبيض على الحقل المجاور
-
40:48 - 40:52بالتزامن مع إطلاق نيران الرشاشات التي تنفجر في كل مكان
-
40:52 - 40:58بالنسبة إلى أطباء مشفى الهلال الأحمر، يعتبر هذا القصف رسالة واضحة من الجيش الإسرائيلي تتضمن أمراً
-
40:58 - 41:03بالإخلاء الفوري للمشفى،
-
41:03 - 41:07أو ستواجه التدمير المحتّم.
-
41:07 - 41:13الجرحى إلى مشفى آخر
-
41:13 - 41:16واتخذنا من شارع النادي مقراً لسيارات الإسعاف العاملة.
-
41:16 - 41:18أما طاقم هذه السيارات الطبي فقد جلس على الرصيف منتظراً النداءات
-
41:18 - 41:21التي أتت الواحد تلو الآخر بشكل مسعور.
-
41:21 - 41:26للمرة الأولى منذ بداية العدوان الإسرائيلي،
-
41:26 - 41:31رأيت بالفعل جثثاً لرجال من المقاومة الفلسطينية.
-
41:31 - 41:34حفنة من الأفراد بجانب مئات من الضحايا المدنيين
-
41:34 - 41:37الذين تصاعد عددهم بعد الشروع بالهجوم البرّي.
-
41:37 - 41:41في أعقاب إطلاق النار على مسجد جباليا
-
41:41 - 41:45الذي خلف 11 قتيلاً وخمسين جريحاً،
-
41:45 - 41:52وهو ما حصل بينما كانت الدبابات تدخل القطاع، وطيلة يوم السبت، ومن على متن سيارات الإسعاف،
-
41:52 - 41:54أدركنا وقتها تماماً كم كانت جبارة وقوية بشكل مرعب
-
41:54 - 41:59وكأن الأيام السابقة كانت تفتقر إلى القوة التدميرية.
-
41:59 - 42:04في بيت حانون
-
42:04 - 42:11تم استهداف إحدى العائلات بينما كانت مجتمعة أمام مدفئة حطب،
-
42:11 - 42:16بقذيفة من قذائف المدفعية القاتلة التي سقطت على منزلها.
-
42:16 - 42:17أسعفنا 15 جريحاً
-
42:17 - 42:21بينهم 4 في حالات ميؤوس منها.
-
42:21 - 42:24في ما بعد،
-
42:24 - 42:27وحوالى الساعة الثالثة والنصف صباحاً
-
42:27 - 42:30أجبنا على نداء استغاثة،
-
42:30 - 42:31إلا أننا وصلنا بعد فوات الأوان.
-
42:31 - 42:34ثلاث نسوةٍ كنَّ يقفن أمام الباب الخارجي لمنزلهن وهنّ ينتحبن،
-
42:34 - 42:36قمن بتسليمنا فتاة في الرابعة من عمرها ملفوفة بخرقة بيضاء، أصبحت كفنها،
-
42:36 - 42:38وقد كانت ببرودة الحجارة في ذلك الوقت.
-
42:38 - 42:42عائلة أخرى في مخيم جباليا ضُربت عن بكرة أبيها، لكن هذه المرة بواسطة الطائرات الحربية.
-
42:42 - 42:46جرحت فتاتان بالغتان بفعل الشظايا.
-
42:46 - 42:49تأذى صبيَّان من العائلة بشكل طفيفٍ،
-
42:49 - 42:54لكن صياحهما يدلّ على أنهما يعانيان صدمة نفسية،
-
42:54 - 42:58وهي ما سيحملانه معهما طيلة حياتهما
-
42:58 - 43:01كضرر يبدو أعمق من أي ندبة على خديهما.
-
43:01 - 43:06ورغم ذلك ليس هنالك من أحد يتذكرهما أو يشير إليهما،
-
43:06 - 43:10كما إن هنالك آلافاً من الأطفال الذين يعانون مرضاً عقلياً حقيقياً
-
43:10 - 43:14تسبّب به الرعب الناتج عن القصف المتواصل،
-
43:14 - 43:16، أو تسبب به ما هو أسوأ من ذلك، ألا وهو مشاهدة أهلهم أو أشقائهم وقد تقطّعوا لأشلاء بفعل الانفجارات.
-
43:16 - 43:20إن الجرائم التي تلطّخ إسرائيل أيديها المدمّاة بها في هذه الساعات
-
43:20 - 43:25تتخطى كثيراً حدود ما يمكن تخيّله.
-
43:25 - 43:33يمنعنا الجنود من التحرك لتقديم المساعدة للناجين
-
43:33 - 43:39من الكارثة الهائلة التي ليست بفعل الطبيعة.
-
43:39 - 43:42عندما يكون الجرحى ممددين بقرب العربات المدرعة التي هاجمتهم للتو،
-
43:42 - 43:46يكون من غير المسموح لنا نحن القابعين في سيارات الهلال الأحمر الوصول إلى أية نقطة قريبة منهم،
-
43:46 - 43:48لأن الجنود يعمدون إلى تسديد البنادق نحونا.
-
43:48 - 43:54فقبل أن يكون باستطاعتنا عقد الأمل على التوجه نحو أي حياة إنسانية لتقديم العون إليها،
-
43:54 - 44:01نحتاج إلى مرافقة سيارة واحدة على الأقل من السيارات التابعة للصليب الأحمر
-
44:01 - 44:06وذلك بفضل الاتفاقية الموقعة بين الصليب الأحمر والقيادة العليا للجيش الإسرائيلي.
-
44:06 - 44:10حاولْ فقط أن تلجأ إلى طلب ذلك وتخيّلْ كم من الوقت ستأخذ هذه الإجراءات
-
44:10 - 44:17التي هي بمثابة حكم الإعدام
-
44:17 - 44:21لكل هؤلاء الذين ينتظرون كي يتم نقلهم أو أن يحظوا بالعناية السريعة.
-
44:21 - 44:25تتعزز هذه الحقيقة حين نعلم أن الصليب الأحمر لديه جرحاه الذين يجب عليه أن يسعفهم
-
44:25 - 44:27والذين لا يتركون له مجالاً للرد على كل مكالمة من مكالماتنا.
-
44:27 - 44:31يجب علينا والحالة هذه أن نركن السيارة في منطقة «آمنة»، وعبارة «منطقة آمنة» أصبحت تلطيفية في غزَّة،
-
44:31 - 44:38وننتظر الناس كي يحضروا أقاربهم المحتاجين للعناية إلينا وغالباً ما يحملونهم ويجيئون مشياً على الأقدام.
-
44:38 - 44:44إليكم ما حصل معنا في الساعة الخامسة والنصف من فجر هذا اليوم.
-
44:44 - 44:50أوقفنا سيارة الإسعاف ولكن من دون إطفاء المحرك في وسط تقاطع،
-
44:50 - 44:58وكنا نحاول أن ندل أقارب أحد المرضى الذين كانوا في طريقهم إلينا على مكاننا بالهاتف.
-
44:58 - 45:01وبعد عشر دقائق من الانتظار المثير للأعصاب
-
45:01 - 45:05للأعصاب قررنا أن نخلي المكان لتلبية نداء آخر تلقّيناه
-
45:05 - 45:11لمحناهم وهم ينعطفون قادمين نحونا ببطء،
-
45:11 - 45:13كانت عربة يجرها بغل محملة ببعض الأناس.
-
45:13 - 45:17تبين أنهم زوجين وولداهما.
-
45:17 - 45:20إن ذلك هو أفضل صورة يمكن بها وصف هذه اللاحرب. لأن هذه الحرب ليست حرباً تقليدية.
-
45:20 - 45:26فليس هنالك جيشان يتعاركان في جبهة واحدة،
-
45:26 - 45:29بل شعب يعاني حصاراً فرضته عليه طائرات حربية مقاتلة وقوات بحرية وواحدة من أكثر عناصر المشاة قوة في العالم،
-
45:29 - 45:34وبالتأكيد مصحوبة بأكثر التكنولوجيات تقدماً في مجال التجهيزات العسكرية.
-
45:34 - 45:37إنهم هنا يهاجمون قطاعاً بائساً من الأرض
-
45:37 - 45:42مساحته فقط 360 كم2،
-
45:42 - 45:52مكان ما زال السكان يستخدمون فيه البغال للتنقل،
-
45:52 - 45:56ومقاومته هي خليط من فصائل عدة تكمن قوتها الحقيقية الوحيدة في استعدادها للشهادة.
-
45:56 - 45:59عندما اقتربت العربة التي يجرها البغل بشكل كافٍ،
-
45:59 - 46:04دنونا منهم ونظرنا برعب إلى الشحنة المخيفة التي تحملها.
-
46:04 - 46:12كان هنالك طفل مستلقٍ وجمجمته مفتوحة،
-
46:12 - 46:17وبكل دقة كانت كرتا عينيه متدليتان خارج محجريهما،
-
46:17 - 46:22تتمايلان في وجهه مثل تَيْنِك العينين اللتين في نهاية قرني سرطان بحريّ. عندما حملناه كان لا يزال يتنفس.
-
46:22 - 46:25. أما أخوه الأصغر فقد انتزعت أحشاء صدره،
-
46:25 - 46:29ويمكنك بوضوح إحصاء عدد أضلاعه البيضاء من خلال لحمه الممزق.
-
46:29 - 46:35كانت والدتهما تضغط بكلتا يديها على ذلك الصدر المنزوع الأحشاء،
-
46:35 - 46:39وكأنها تحاول إصلاح ما عملت على خلقه ثمرة حبها،
-
46:39 - 46:44وما قد عملت الكراهية المجهولة المصدر التي يحملها الجنود على
-
46:44 - 46:48كسره إلى الأبد هذه اللحظة.
-
46:48 - 46:52ما زال هنالك جريمة أخرى أريد أن أكتب عنها
-
46:52 - 46:56وهناك أيضاً حِدادنا الذي لا تحصى عدد مراته.
-
46:56 - 46:58تابع الجيش الإسرائيلي استهداف سيارات الإسعاف.
-
46:58 - 47:03فبعد ذبح الطبيب والممرضة في جباليا منذ أربعة أيام،
-
47:03 - 47:05كانت الضحية الجديدة لهذا اليوم هي أحد أصدقائنا: إنه عرفة عبد الدايم ذو الـ 35 عاماً
-
47:05 - 47:10والأب لأربعة أطفال.
-
47:10 - 47:14تلقينا مكالمة هاتفية من مدينة غزَّة في الساعة الثامنة والنصف من صباح أمس.
-
47:14 - 47:21لقد أصيب مدنيان برصاصات رشاش دبابة.
-
47:21 - 47:23فاندفعت إحدى سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر لتقديم المساعدة لهما.
-
47:23 - 47:29كان عرفة وأحد الممرضين يمددان الجريحين في سيارة الإسعاف،
-
47:29 - 47:33وبينما كانا يغلقان باب السيارة
-
47:33 - 47:39أطلقت إحدى الدبابات قذيفتها عليهما.
-
47:39 - 47:43أصابت القذيفة عنق واحد من الجرحى وقتلت صديقنا عرفة.
-
47:43 - 47:45تمكن الممرض نادر الذي كان يرافقهم من النجاة،
-
47:45 - 47:48وقد خرج للعمل بالرغم من أنه كان مريضاً في المشفى التي يعمل فيها.
-
47:48 - 47:54عرفة الذي يعمل مدرساً في المدرسة الابتدائية كان يساهم متطوعاً كمسعف طوارئ.
-
47:54 - 47:58كنا قد أُمطرنا بالقنابل ولكن لم يطاوعنا قلبنا للاتصال بعرفة في حالة خطيرة جداً كهذه.
-
47:58 - 48:02وهو يقدم على هذا العمل طوعاً وبإرادته، ويقوم به رغم علمه التام بحجم المخاطر التي يضع نفسه فيها،
-
48:02 - 48:08مقتنعاً، وبينما هو على هذه الحال بعيداً عن عائلته،
-
48:08 - 48:15أن هنالك بشراً آخرين بحاجة للحماية والمساعدة.
-
48:15 - 48:20لقد افتقدنا مزاحه
-
48:20 - 48:23وروح الدعابة المُعدي لديه والذي لا يمكن مقاومته
-
48:23 - 48:27وافتقدنا بلسم الروح في لحظاتنا الكئيبة.
-
48:27 - 48:30على أحدٍ ما أن يوقف هذه المذبحة.
-
48:30 - 48:34في الأيام القليلة الماضية رأيت أشياء وسمعت صخباً
-
48:34 - 48:38وشممت أبخرة نتنة ومهلكة، لن تكون لديّ الشجاعة لأتحدث عنها
-
48:38 - 48:41إذا ما قُدِّر وأصبح لديّ أطفال. هل من أحد هناك؟
-
48:41 - 48:44تعاسة شعور الإنسان بالعزلة وأنه تم التخلي عنه
-
48:44 - 48:50هو الشعور نفسه الذي يوازيه منظر أحد أحياء غزَّة بعد غارة جوية كبيرة.
-
48:50 - 48:56مساء السبت
-
48:56 - 48:59تم وصلي عبر الهاتف مع الحشود المحتجة في ميلانو،
-
48:59 - 49:05قمت بتمرير جهاز الهاتف للأطباء والممرضين الأبطال الذين أعمل معهم في الوقت الحالي.
-
49:05 - 49:07لقد بدا الاطمئنان عليهم للحظات قليلة.
-
49:07 - 49:11المظاهرات التي تعمّ العالم هي دليل على أنه لا يزال هنالك أحد ما يمكنك الوثوق به،
-
49:11 - 49:17لكن لا تزال هذه المظاهرات غير كبيرة بشكل كاف كي تمارس الضغط المطلوب على الحكومات الغربية
-
49:17 - 49:21التي عليها أن تضع إسرائيل في الزاوية،
-
49:21 - 49:25مجبرة إياها على تحمّل المسؤولية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها.
-
49:25 - 49:32العديد من النساء الحوامل المرتعبات يضعن مواليدهن قبل الأوان في هذه الفترة.
-
49:32 - 49:35كنت شخصياً حاضراً مع ثلاثٍ منهن بينما كنّ مندفعات إلى غرفة الولادة.
-
49:35 - 49:44إحدى هذه النسوة هي سميرة، بعد سبعة أشهر من الحمل.
-
49:44 - 49:50أنجبت مولودها الصغير جداً والجميل الذي سمي أحمد،
-
49:50 - 49:55وبينما كنت مندفعاً وإياها على متن سيارة الإسعاف نحو مشفى العودة
-
49:55 - 49:59تاركين خلفنا ما بدا عبر مرآة السيارة على أنه سيناريو الدمار والموت
-
49:59 - 50:03(في الأماكن التي كنّا منذ لحظات نلتقط منها الجثث).
-
50:03 - 50:06فكرت للحظة بأن هذه الحياة الجديدة التي على وشك التفتح يمكنها أن تكون
-
50:06 - 50:11بشارة أملٍ وسلامٍ قادمَيْن في المستقبل.
-
50:11 - 50:16لكن الوهم سرعان ما تلاشى مع أول قذيفة
-
50:16 - 50:21من مركز جباليا سقطت بجانب سيارة الإسعاف التي تقلّنا.
-
50:21 - 50:24تلك الأمهات الشجاعات اللواتي ولدنَ بحزن
-
50:24 - 50:28مخلوقات لم تشاهد شيئاً في محيطها سوى اللون الأخضر للدبابات
-
50:28 - 50:32وعربات الجيب العسكرية، أو الومضات السريعة التي تسبق الانفجار.
-
50:32 - 50:36أي نوع من البالغين سيكونونه عندما يكبرون؟
-
50:36 - 50:41حافظوا على إنسانيتكم!
-
50:41 - 50:456 كانون الثاني/يناير 2009
-
50:45 - 50:51النكبة
-
50:51 - 51:34إنهم يمشون في مواكب وهم خائفون، عيونهم شاخصة نحو الأعلى،
-
51:34 - 51:38مستسلمون للسماء التي ما زالت تمطر عليهم رعباً وموتاً،
-
51:38 - 51:40متخوّفين من الأرض التي تواصل ارتجافها تحت أقدامهم في كل خطوة يخطونها،
-
51:40 - 51:44ومن الحفر التي تنفتح في الأماكن التي كانت مرة منازل
-
51:44 - 51:49ومدارس وجامعات وأسواقاً ومشافٍ.
-
51:49 - 51:51رأيت قوافلَ لفلسطينيين يائسين
-
51:51 - 51:56.يُخلون جباليا وبيت حانون وكل مخيمات اللاجئين في غزَّة
-
51:56 - 52:02للتجمهر في المدارس التابعة للأمم المتحدة
-
52:02 - 52:07وكأنهم ناجون من زلزال، أو أنهم ضحايا تسونامي
-
52:07 - 52:13يقضم قطاع غزَّة وسكانه المدنيين
-
52:13 - 52:20من دون شفقة، أو التزام بحقوق الإنسان أو اتفاقيات جنيف.
-
52:20 - 52:23والأهم من ذلك، من دون أن تقوم ولو دولة غربية واحدة برفع إصبعها لإيقاف هذه المجزرة
-
52:23 - 52:30أو أن ترسل طاقماً طبياً إلى هنا أو توقف الإبادة الجماعية التي تلطّخ إسرائيل يديها فيها في هذه الساعات.
-
52:30 - 52:37تستمر الهجمات العشوائية ضد المشافي وأطقمها الطبية؛
-
52:37 - 52:48فالبارحة، وبعد مغادرتي مشفى العودة في جباليا، تلقيت مكالمة هاتفية من ألبيرتو
-
52:48 - 52:57زميلنا الإسباني في حركة التضامن الدولية،
-
52:57 - 53:06يفيد بأن قنبلة قد ألقيت على المشفى
-
53:06 - 53:12وأن الممرض أبو محمد قد أصيب إصابة بالغة في رأسه.
-
53:12 - 53:16*** ومنذ دقائق قليل
-
53:16 - 53:20كنت أمام المقهى أستمع إلى قصص عن الأعمال البطولية لأبطال أبو محمد الشيوعيين، قادة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين:
-
53:20 - 53:25جورج حبش وأبو علي مصطفى وأحمد سعدات.
-
53:25 - 53:34أشرقت عيناه عندما أخبرته
-
53:34 - 53:41بأن فهمي الأول لفلسطين ومأساتها الهائلة قد وصلني بالكامل عن طريق
-
53:41 - 53:50والديَّ الشيوعيين
-
53:50 - 53:54سألني من كان أكثر قادة اليسار الإيطالي ثورية؟
-
53:54 - 54:04فأجبته: إنه (أنطونيو غرامشي)
-
54:04 - 54:08أما بالنسبة إلى قادة اليسار هذه الأيام فقد أخبرته أنني سأفكر بالموضوع وأبلغه في اليوم التالي.
-
54:08 - 54:17لكن أبو محمد يقبع الآن في غيبوبة في المشفى ذاته الذي يعمل فيه.
-
54:17 - 54:23لقد وفّر على نفسه الإجابة المخيبة للآمال.
-
54:23 - 54:31تلقيت حوالى منتصف الليل مكالمة، من إيفا هذه المرة،
-
54:31 - 54:41تقول إن البناء الذي توجد فيه يتعرّض للهجوم في هذه اللحظات.
-
54:41 - 54:46إنني أعرف ذلك البناء جيداً: إنه في مركز مدينة غزَّة
-
54:46 - 54:50أمضيت إحدى الليالي هنالك بصحبة بعض المصورين الصحافيين الفلسطينيين
-
54:50 - 54:54الذين يتطلب منهم عملهم محاولة التقاط شيءٍ من خلال الصور والكلمات
-
54:54 - 55:00عن الكارثة التي لم تتسبب بها الطبيعة والتي نقاسيها طيلة الأيام العشرة الأخيرة.
-
55:00 - 55:10ويعمل في هذا البناء وكالة «رويترز» و«فوكس نيوز» و«روسيا اليوم» والعديد العديد من وكالات الأنباء المحلية والأجنبية
-
55:10 - 55:14وجميعها أصبحت عرضة لقصف إحدى المروحيات الإسرائيلية التي أطلقت سبعة صواريخ عليه.
-
55:14 - 55:22تمكّنوا من إجلاء الجميع في الوقت المناسب قبل أن يصاب أي شخص بجروح خطيرة.
-
55:22 - 55:29كل أولئك المصورين التلفزيونيين والفوتوغرافيين والمراسلين، وجميعهم فلسطينيون،
-
55:29 - 55:36قد سلّموا بأن إسرائيل لن تسمح بوجود صحافيين دوليين في غزَّة.
-
55:36 - 55:43لا توجد أية أهداف استراتيجية بجانب ذلك المبنى،
-
55:43 - 55:50ولا مقاومين يقاتلون المدرّعات الإسرائيلية القاتلة
-
55:50 - 55:59التي تتمركز على مسافة بعيدة باتجاه الشمال.
-
55:59 - 56:04من الواضح أن أحداً ما في تل أبيب لا يمكنه تحمّل صور المجازر ضد المدنيين،
-
56:04 - 56:12**وهو يعارض تلك الأوامر التي يصدرها الضباط الإسرائيليون، بينما يقدّم الصحافيون المرتزقة مشهياتهم في مؤتمراتهم الصحافية..
-
56:12 - 56:17تقنع هذه المؤتمرات الصحافية العالم
-
56:17 - 56:26.بأن غرض القصف هو استهداف «إرهابيّي» حماس فقط،
-
56:26 - 56:36وليس أي أحد من هؤلاء الأطفال الذين تم تشويههم بشكل وحشي والذين نسحبهم من تحت الأنقاض يومياً.
-
56:36 - 56:41في حي الزيتون الذي يبعد 10 كيلومترات عن جباليا،
-
56:41 - 56:47**انهار بناء بفعل القصف على عائلة مخلفاً عشرة قتلى.
-
56:47 - 56:58وقد انتظرت سيارات الإسعاف لساعات عدة قبل أن تتمكن من الوصول إلى تلك المنطقة
-
56:58 - 57:02بسبب إصرار الجنود الإسرائيليين على إطلاق النار علينا.
-
57:02 - 57:09إنهم يطلقون النار على سيارات الإسعاف ويقصفون المستشفيات.
-
57:09 - 57:14منذ عدة أيام وبينما كانت محطة إذاعية معروفة جيداً في ميلانو
-
57:14 - 57:19تجري معي لقاءً مباشراً أشار أحد دعاة السلام الإسرائيليين لي بكل وضوح
-
57:19 - 57:24.أنه في هذه الحرب يستخدم كلا الطرفين جميع الأسلحة المتوفرة لديه.
-
57:24 - 57:29عندها دعوت إسرائيل إلى أن تلقي إحدى قنابلها النووية علينا،
-
57:29 - 57:33...تلك الأسلحة التي يخفونها بعيداً ويتحدّون بذلك جميع اتفاقيات الحد من الانتشار النووي
-
57:33 - 57:41لماذا لا تلقي تلك القنبلة التي تمتلكها
-
57:41 - 57:53وتضع حداً للمعاناة اللاإنسانية لآلاف الأشخاص الممددين في خرقهم التي يرتدونها في ردهات المشافي الشديدة الاكتظاظ التي زرتها؟
-
57:53 - 57:59التقطت البارحة بعض الصور بالأبيض والأسود لقافلة من العربات التي تجرها البغال
-
57:59 - 58:04والمحملة فوق طاقتها بشكل لا يمكن تصوّره بالأطفال الذين يلوّحون بالرايات البيض نحو السماء
-
58:04 - 58:17ووجوههم شاحبة ومرتعبة.
-
58:17 - 58:24وأنا أتأمل الصور السريعة لهؤلاء اللاجئين الهاربين، كانت الرعشات تنتابي وتصل إلى أسفل عمودي الفقري.
-
58:24 - 58:31إذا كان يمكن مطابقة هذه الصور مع صور أولئك الذين يمثلون نكبة عام 1948 ,
-
58:31 - 58:38فإنهم سيكونون أتقن صورة مطابقة لهم
-
58:38 - 58:48تتحمل الدول والحكومات الجبانة وغير المبالية والتي تدّعي الديمقراطية
-
58:48 - 58:59المسؤولية الكاملة عن المأساة الجديدة،
-
58:59 - 59:02إنها نكبة جديدة، نوع جديد من التطهير العرقي الذي يلحق بالفلسطينيين الآن.
-
59:02 - 59:09حتى لحظات قليلة أحصينا 650 قتيلاً بينهم 153 طفلاً
-
59:09 - 59:13بالإضافة إلى 3000 جريح وعدد غير معروف من المفقودين.
-
59:13 - 59:21أما عدد القتلى من المدنيين الإسرائيليين فلا يزال ثابتاً على الرقم 4.
-
59:21 - 59:29لكن بعد ظهر هذا اليوم تتطلب الخسائر في الأرواح في الجانب الفلسطيني إعادة إحصاء،
-
59:29 - 59:35منذ أن شرع الجيش الإسرائيلي بمهاجمة مدارس الأمم المتحدة
-
59:35 - 59:43التي وفرت الملجأ للآلاف الذين أخرجوا من منازلهم تحت تهديد الهجوم الوشيك
-
59:43 - 59:52لقد طاردوهم خارج مخيماتهم وقراهم، فقط من أجل تجميعهم في مكان واحد
-
59:52 - 59:59كي يصبحوا هدفاً سهلاً.
-
59:59 - 60:08هاجموا ثلاث مدارس اليوم، المدرسة الأخيرة كانت تسمى الفاخورة في جباليا
-
60:08 - 60:17وقد استُهدفت بضربة شديدة في الوسط. قتل أكثر من 40 شخصاً
-
60:17 - 60:21في خفقة قلب، رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً
-
60:21 - 60:31ممن صدّقوا أنفسهم أنهم في مأمن داخل تلك الجدران الزرقاء اللون المزينة بشعار الأمم المتحدة!
-
60:31 - 60:36الناس الذين لجأوا إلى المدارس العشرين الأخرى التابعة للأمم المتحدة يرتعدون خوفاً الآن.
-
60:36 - 60:41ليس هنالك أي مخرج إلى أي مكان خارج قطاع غزَّة.
-
60:41 - 60:51هذا ليس لبنان حيث المدنيون في القرى الجنوبية المستهدفة بالقنابل الإسرائيلية
-
60:51 - 60:58..يمكنهم الهروب إلى الشمال أو إلى سورية أو الأردن.
-
60:58 - 61:01فمن خلال كونه سجناً هائلاً في الهواء الطلق أصبح قطاع غزَّة فخاً مميتاً.
-
61:01 - 61:07نظرنا بعضنا إلى بعض بذهول
-
61:07 - 61:13متسائلين: إن كان مجلس الأمن
-
61:13 - 61:26..سيدين بالإجماع هذه الهجمات
-
61:26 - 61:28بعد أن استهدفت مدارسه.
-
61:28 - 61:34إن أحداً ما في الخارج قد قرر بحق
-
61:34 - 61:41.تحويل هذا المكان إلى صحراء ويقوم بعدها بتسمية ذلك سلاماً.
-
61:41 - 61:47تنتظرنا الآن ليلة طويلة في سيارة الإسعاف، على الرغم من أن الفجر هنا قد أصبح لا شيء إلاّ وهم.
-
61:47 - 61:52أبراج هوائيات الهواتف النقالة على طول القطاع قد دمرت وقد توقفنا عن الاعتماد عليها لخدمة هواتفنا.
-
61:52 - 61:57آمل أنني يوماً ما سأكون قادراً على رؤية كل أصدقائي الذين لم أعد أستطيع الاتصال بهم، لكنني لست واقعاً تحت أي وهمٍ.
-
61:57 - 62:07في فترة الظهر يصبح كل شخص في غزَّة هدفاً متحركاً
-
62:07 - 62:17لقد اتصلت بي القنصلية الإيطالية للتو قائلين إنهم سيخلون غداً شخصاً من التابعية الإيطالية،
-
62:17 - 62:26وهي راهبة مسنّة أمضت السنوات العشرين الأخيرة تعيش بقرب الكنيسة الكاثوليكية في غزَّة
-
62:26 - 62:37.والتي قد تم تبنّيها من قبل الفلسطينيين في القطاع.
-
62:37 - 62:47حثني القنصل بلطف على استغلال هذه الفرصة
-
62:47 - 62:55لأهرب مع الراهبة من هذه الجهنم.
-
62:55 - 63:01شكرته على هذا العرض وقلت له إنني لن أبرح هذا المكان، بكل بساطة أنا لا أستطيع.
-
63:01 - 63:07فإكراماً للخسائر التي عانيناها
-
63:07 - 63:14قبل أن نكون إيطاليين وإسبانيين وبريطانيين أو أستراليين، نحن الآن جميعنا فلسطينيون.
-
63:14 - 63:22لو كنا قادرين على أن نصبح كذلك ولو لدقيقة واحدة فقط كل يوم
-
63:22 - 63:26بالطريقة التي كنا فيها جميعاً يهوداً أثناء الهولوكست
-
63:26 - 63:37لكنا حسب ما أعتقد قد تجنّبنا المذبحة الحالية.
-
63:37 - 63:48حافظوا على إنسانيتكم!
-
63:48 - 63:537 كانون الثاني/يناير 2009
-
63:53 - 64:03المقاليع في مواجهة قنابل الفوسفور الأبيض
-
64:03 - 64:32«خذ بعض القطط، قططاً صغيرةً ناعمةً، ضعها في صندوق من الكرتون»،
-
64:32 - 64:34قال جمال الذي يعمل جراحاً في مشفى الشفاء وهو المشفى الرئيس في غزَّة
-
64:34 - 64:38بينما وضع أحد الممرضين أمامنا صندوقين من الكرتون ملطخين بالدم.
-
64:38 - 64:42علّق جمال: «اختمه! وبعدها اقفز عليه بكل ثقلك وقوتك
-
64:42 - 64:47...حتى تشعر بأن العظام الصغيرة قد انطحنت، ثم تسمع المواء الأخير المكتوم»
-
64:47 - 64:52حدقت بالصناديق بدهشة وتابع الطبيب:...
-
64:52 - 64:56" «حاول أن تتخيل ما قد يحدث بعد أن يتم توزيع صور هذا الصندوق.
-
64:56 - 65:03غضبٌ لدى الرأي العام ناجمٌ عن دوافع أخلاقية،
-
65:03 - 65:08إضافة إلى احتجاجات جمعيات الرفق بالحيوان...»
-
65:08 - 65:12استمر الأطباء على هذا المنوال
-
65:12 - 65:15وأنا كنت غير قادر على إشاحة نظري عن الصناديق التي عند أقدامنا
-
65:15 - 65:18"«أوقعت إسرائيل مئات المدنيين في فخ عبر حصارهم في مدرسة وكأنهم في صندوق
-
65:18 - 65:20وكان بينهم أطفال ثم عملت على سحقهم بقنابلها القوية.
-
65:20 - 65:24ماذا كان رد فعل العالم؟
-
65:24 - 65:29تقريباً لا شيء.
-
65:29 - 65:35كان من الممكن أن نكون أفضل حالاً لو كنا حيوانات أكثر من كوننا فلسطينيين،
-
65:35 - 65:38فقد كان يمكن أن نكون محميين».
-
65:38 - 65:40عند كلامه حول هذه النقطة انحنى الطبيب على أحد الصناديق وفتح غطاءه أمامي.
-
65:40 - 65:44كان في داخله أطراف مبتورة، أذرع وأرجل، بعضها من الركبة إلى الأسفل
-
65:44 - 65:48.أعضاء أخرى مع عظم الفخذ ملحقاً بها، الأعضاء المبتورة كانت قد أصيبت في مدرسة الفاخورة التابعة للأمم المتحدة في جباليا
-
65:48 - 65:54.. والتي وصل عدد المصابين فيها إلى 50.
-
65:54 - 66:00متذرعاً بالرد على مكالمة طارئة، أستأذنت من جمال
-
66:00 - 66:08وهُرعت نحو دورة المياه لأتقيأ.
-
66:08 - 66:12قبل هذه الحادثة بقليل كنت منخرطاً في نقاش مع دكتور عبد، وهو طبيب عيون،
-
66:12 - 66:15حول إشاعات تتحدث عن قيام الجيش الإسرائيلي
-
66:15 - 66:19.بإمطارنا بقنابل غير تقليدية تحرّم معاهدة جنيف استخدامها
-
66:19 - 66:25مثل القنابل العنقودية والفوسفور الأبيض.
-
66:25 - 66:29قنابل مشابهة تماماً لتلك التي استخدمها الجيش الإسرائيلي خلال حربه الأخيرة على لبنان
-
66:29 - 66:33.التي استخدمتها أيضاً الطائرات الحربية الأمريكية في الفلوجة في انتهاك سافر للقوانين والمواثيق الدولية.
-
66:33 - 66:36أمام مشفى العودة شهدنا وصوّرنا تساقط قنابل الفوسفور الأبيض..
-
66:36 - 66:41.على بعد حوالى 500 متر من مكان وقوفنا،
-
66:41 - 66:47وهي المسافة البعيدة بشكل كاف لمنعنا من التأكد من وجود أي مدنيين تحت طائرة الأباتشي الإسرائيلية،
-
66:47 - 66:51لكن الحدث كان قريباً جداً جداً مع ذلك.
-
66:51 - 66:55تحرّم معاهدة جنيف لعام 1980
-
66:55 - 67:02استخدام الفوسفور الأبيض كسلاح في مناطق وجود المدنيين،
-
67:02 - 67:05وتسمح به فقط كستارة دخان للتمويه أو للإضاءة.
-
67:05 - 67:08لا شك بأن استخدام هذا السلاح في غزَّة
-
67:08 - 67:13..التي تعتبر أرضها المنطقة الأكثر كثافة سكانية في العالم،
-
67:13 - 67:18يُعدّ جريمة حرب.
-
67:18 - 67:21أخبرني الدكتور عبد بأنه ليس لديهم في مشفى الشفاء
-
67:21 - 67:25القدرة الطبية أو العسكرية
-
67:25 - 67:28كي يتأكدوا من افتراضهم ان الجراح التي يختبرونها على بعض الجثث قد حصلت بالتأكيد بفعل أسلحة محرّمة.
-
67:28 - 67:32لكنه قال كلمته الفصل وهي أنه وخلال عشرين عاماً أمضاها في عمله
-
67:32 - 67:36**...لم يرَ قط إصابات كتلك الموجودة على الجثث الموجودة في الممر.
-
67:36 - 67:42لقد أبلغني عن الصدمات المصابة بها الجماجم،
-
67:42 - 67:46مع تلك الكسور التي تصل إلى عظمة في التجويف الأنفي والفك وعظام الخد وقنوات الأنف وعظام الأنف والحنك
-
67:46 - 67:51...جميعها تظهر علامات اصطدام قوة هائلة مواجهة لوجه الضحية.
-
67:51 - 67:54ما وجده، وهو شيء غير قابل للتوضيح، كان الفقدان التام لكرتي العينين
-
67:54 - 68:02اللتين من المفترض أن تتركا أثراً في مكانٍ ما ضمن الجمجمة حتى بوجود تلك الصدمة العنيفة.
-
68:02 - 68:08بدلاً من ذلك نراهم يجيئون إلى المشفى بجثث لفلسطينيين من دون أية عيون على الإطلاق
-
68:08 - 68:12وكأن أحداً ما قد اقتلعهما جراحياً قبل أن يسلّم الجثث إلى قاضي التحقيق في الجرائم.
-
68:12 - 68:18سمحت لنا إسرائيل بأخذ العِلم أنها قد أغدقت علينا بكرمها: ثلاث ساعات من وقف إطلاق النار اليومي
-
68:18 - 68:24بين الساعة الواحدة والرابعة بعد الظهر.
-
68:24 - 68:30بيانات القيادة العسكرية الإسرائيلية تعتبر
-
68:30 - 68:35بالمكانة ذاتها من درجة الثقة التي تحظى بها تصاريح قادة حماس في ما يخص قيامهم بتنفيذ مجزرة بالجنود الإسرائيليين.
-
68:35 - 68:38ولأكون أكثر وضوحاً حول هذه النقطة، إن عدوّ تل أبيب الأسوأ هو ذاته ذلك الذي يحارب تحت ظل نجمة داوود.
-
68:38 - 68:42البارحة غادرت سفينة حربية ميناء غزَّة
-
68:42 - 68:50حاملة على متنها مجموعة كبيرة ممن يعتقد أنهم فدائيون من المقاومة الفلسطينية ...
-
68:50 - 68:58.متحركين كجبهة متّحدة حول جباليا.
-
68:58 - 69:02لقد أطلق الإسرائيليون نيران مدافعهم عليها.
-
69:02 - 69:06لكن، وكما تبين فيما بعد، كان أولئك هم جنودهم أنفسهم وقد نتج عن القصف قتل ثلاثة جنود
-
69:06 - 69:10وجرح نحو عشرين آخرين.
-
69:10 - 69:12لا تنطلي على أحد هنا مزاعم وقف إطلاق النار الذي دعت إليه إسرائيل،
-
69:12 - 69:18.فكما حصل في الساعة الثانية من بعد ظهر هذا اليوم، كانت رفح موضع هجوم مروحية أباتشي
-
69:18 - 69:22كما وقعت مجزرة أخرى بحق الأطفال في جباليا:
-
69:22 - 69:26ذبحت ثلاث أخوات صغيرات بعمر سنتين وأربع سنوات وستّ سنوات
-
69:26 - 69:32من عائلة عبد رب
-
69:32 - 69:36ومنذ نصف ساعة فقط كانت سيارة إسعاف تابعة لمشفى الهلال الأحمر تتعرض للقصف.
-
69:36 - 69:41كان رفيقاتي من حركة التضامن الدولية، إيفا وألبيرتو، راكبين في تلك السيارات وقد عملا على تصوير كل ما حصل،
-
69:41 - 69:44ومرّرا جميع تلك الأفلام والصور إلى وسائل الإعلام الرئيسة كافة.
-
69:44 - 69:51أصيب حسن برصاص في ركبته وهو الخارج حديثاً من حداد على صديقه عارف،.
-
69:51 - 69:59موظف الإسعاف الذي قتل منذ يومين بينما كان ذاهباً لتقديم العون للمصابين في غزَّة.
-
69:59 - 70:03*** توقفا في منتصف الطريق كي يلتقطا جسد رجل على وشك الموت،
-
70:03 - 70:08عندها انهمرت عليهما عشر طلقات من قنّاص إسرائيلي.
-
70:08 - 70:14أصابت رصاصة ركبة حسن وامتلأت سيارة الإسعاف بالفتحات.
-
70:14 - 70:18في السفر باتجاه مشفى القدس
-
70:18 - 70:23***..في واحداً من آخر سائقي التاكسي الشجعان القليلين جداً الذين ما زالوا يعملون.
-
70:23 - 70:29كنا نمشي بشكل متعرّج لتفادي القنابل،
-
70:29 - 70:34وفي زاوية أحد الشوارع رأيت مجموعة من الزقاقيين الوسخي الهيئة في ثيابهم الرثة الذين
-
70:34 - 70:39يشبهون تماماً الأطفال ماسحي الأحذية في فيلم سيوشا (sciuscia) في فترة ما بعد الحرب الإيطالية.
-
70:39 - 70:42قذفوا الحجارة بواسطة مقاليعهم نحو السماء،
-
70:42 - 70:48على عدوّ بعيد لا يمكن الوصول إليه ويلهو بحياتهم.
-
70:48 - 70:53إنها استعارة مجنونة يمكن استخدامها كلقطة فوتوغرافية حول اللامعقولية في هذا المكان وفي هذه اللحظة.
-
70:53 - 70:57حافظوا على إنسانيتكم!
-
70:57 - 71:018 كانون الثاني/يناير 2009
-
71:01 - 71:10أنا لن أغادر وطني!
-
71:10 - 71:37معجون وفرشاة أسناني، شفرات ومعجون الحلاقة،
-
71:37 - 71:39الثياب التي أرتديها، دواء السعال الذي أتناوله للتخلص من سعالي المزمن،
-
71:39 - 71:42علب التبغ التي اشتريتها لأحمد، وبعض التبغ لغليوني.
-
71:42 - 71:47هاتفي النقال، وكمبيوتري المحمول الذي به وبشكل لا أستطيع مقاومته أقوم بطباعة بيانات شاهد العيان من الجحيم الذي يحيط بي.
-
71:47 - 71:53كل ما هو مطلوب من أجل الاستمرار في حياة معقولة وكريمة في غزَّة يأتي من مصر،
-
71:53 - 71:58ويصل إلى رفوف الحوانيت عبر الأنفاق.
-
71:58 - 72:08وهي ذاتها الأنفاق التي لم تتوقف إسرائيل عن قصفها بشكل عنيف طيلة الاثنتي عشرة ساعة الماضية
-
72:08 - 72:14مدمرةً آلاف المنازل في رفح قرب الحدود.
-
72:14 - 72:21منذ عدة أشهر قمت بإصلاح ثلاث من أسناني النخرة،
-
72:21 - 72:30وفي نهاية العملية سألت طبيب الأسنان الفلسطيني الذي عالجني عن مصدر تجهيزات معالجة الأسنان التي يستخدمها،
-
72:30 - 72:36كالمخدّر والحقن والحشوات الخزفية وكل التجهيزات الأخرى.
-
72:36 - 72:41وبنظرة ماكرة على وجهه أومأ بيده: من تحت الأرض.
-
72:41 - 72:49ليس هنالك من شك أن المتفجرات والأسلحة قد تمّ تهريبها أيضاً عبر الأنفاق تحت رفح،
-
72:49 - 72:54وهي الطريقة ذاتها التي تستخدمها المقاومة لمحاولة احتواء التقدم المخيف للدبابات الإسرائيلية.
-
72:54 - 72:59لكن هذا لا شيء إذا ما قورن بالأطنان من البضائع الاستهلاكية التي تعبر إلى غزَّة المجوَّعة
-
72:59 - 73:06تحت هذا الحصار الإجرامي.
-
73:06 - 73:15من السهل الحصول عن طريق الإنترنيت على صور تظهر كيف أنه حتى الماشية تأتي من مصر عبر الأنفاق.
-
73:15 - 73:22فالماعز الذي يعطى مسكَّناً ويُوثَق بالحبال، والأبقار،????
-
73:22 - 73:26يتم إنزالها إلى بئر مصري لتعود إلى الظهور في هذه الجهة كي تنتج الحليب والجبن واللحوم.
-
73:26 - 73:36حتى المشافي الرئيسة في القطاع يتمّ تزويد مخازنها خلسة بما تحتاجه عبر الحدود.
-
73:36 - 73:44الأنفاق هي الوسيلة الوحيدة للفلسطينيين كي يستمروا على قيد الحياة بسبب الحصار.
-
73:44 - 73:50في وصول نسبة البطالة إلى 60%
-
73:50 - 73:55مجبراً 80% من العائلات على الاعتماد على المساعدات الإنسانية في معيشتهم.
-
73:55 - 74:03وصف زملاؤنا في حركة التضامن الدولية في رفح ما شاهدوه
-
74:03 - 74:10من نزوح جماعي لآلاف السكان على أنه: قوافل اللاجئين اليائسين الذين يغادرون وطنهم إلى مصر محمّلين على عربات تجرّها البغال،
-
74:10 - 74:17وهو سيناريو شوهد من قبل، مثله كمثل ظاهرة الديجا فو (Déjà vu) . في الأيام الأخيرة كانت المنشورات الورقية تنزل كالمطر من الطائرات ناشرة الذعر بين الفلسطينيين لدفعهم إلى إخلاء منازلهم.
-
74:17 - 74:23وحيث إن إسرائيل تنفّذ تهديداتها دائماً، ها هي القنابل تسقط الآن من طائراتها.
-
74:23 - 74:33اليوم سيقضي مشردون جدد ليلتهم عند أقربائهم أو أصدقائهم أو معارفهم في غزَّة.
-
74:33 - 74:41فبعد مذبحة الليلة الماضية في جباليا لن يجرؤَ أحدٌ قطُّ على اللجوء إلى المدارس التابعة للأمم المتحدة.
-
74:41 - 74:48لكن عدداً لا يستهان به ليس لديه أحد أو مكان آمن للذهاب إليه،
-
74:48 - 74:53وسيمضون الليل متضرعين إلى الله ألّا يشملهم القصف،
-
74:53 - 74:58حيث ليس هنالك من أحد على وجه الكرة الأرضية لديه اهتمام بوجودهم.
-
74:58 - 75:00في هذا الوقت وصل عدد الضحايا إلى 768 قتيلاً بينهم 219 طفلاً، ووصل عدد الجرحى إلى 3129 جريحاً.
-
75:00 - 75:07أما عدد القتلى بين المدنيين الإسرائيليين فما زال، مشكوراً، محافظاً على ثباته عند الرقم 4 فقط.
-
75:07 - 75:11في حيّ الزيتون الواقع شرقي من مدينة غزَّة، لم تستطع سيارات الإسعاف
-
75:11 - 75:16الوصول إلى مكان وقوع إحدى المجازر إلا بعد انقضاء عدة ساعات على وقوعها،
-
75:16 - 75:26الوصول إلى مكان وقوع إحدى المجازر إلا بعد انقضاء عدة ساعات على وقوعها،
-
75:26 - 75:34وعند وصولهم أخيراً إلى هنالك قاموا بإخلاء سبع عشرة جثةً وعشرة جرحى،
-
75:34 - 75:39وجميعهم ينتمون إلى عائلة السموني.
-
75:39 - 75:45كانت عمليةُ إعدامٍ كاملةٍ.
-
75:45 - 75:49كان من الممكن ملاحظة الفتحات التي سبّبها الرصاص في جثث الأطفال الصغيرة
-
75:49 - 75:54????????????????
-
75:54 - 75:58كانت الليلتان الأخيرتان في مشافي غزَّة أكثر هدوءاً من المعتاد،
-
75:58 - 76:00كوننا لم نقدم المساعدة إلا للعشرات بدل المئات كالمعتاد.
-
76:00 - 76:04من الواضح أنه بعد المجزرة التي وقعت في مدرسة الفاخورة،
-
76:04 - 76:10تجاوز الجيش الإسرائيلي العدد اليومي للإصابات التي يحققها بين المدنيين،
-
76:10 - 76:15وذلك كتقدمة لحكومته العطشى للدماء نظراً لقرب حصول الانتخابات.
-
76:15 - 76:19لدينا إحساس بأن المشارح سوف تمتلئ إلى حد التخمة هذه الليلة أيضاً.
-
76:19 - 76:23مطلقين صفارات سيارات الإسعاف، كنا نتابع نقل النساء الحوامل إلى المشفى حيث يلدن قبل الأوان.
-
76:23 - 76:28يبدو الأمر وكأن الطبيعة وغريزة البقاء
-
76:28 - 76:34تقنعان هؤلاء الأمهات الشجاعات بأن في أيديهن تحديد موعد ولادة أطفالهن،
-
76:34 - 76:41للتعويض عن عدد القتلى الآخذ في التزايد.
-
76:41 - 76:48صرخات المواليد الجدد عندما يخرجون للحياة
-
76:48 - 76:53هي الشيء الوحيد الذي يمكنه أن يطغى على أصوات انفجار القنابل للحظات معدودة.
-
76:53 - 77:00طلبت زميلتنا ليلى في حركة التضامن الدولية من أطفال جيراننا كتابة انطباعاتهم عن المأساة الشنيعة التي نقاسيها.
-
77:00 - 77:03وفي ما يلي بعض المقتطفات من كلماتهم، حيث يمكن مشاهدة الرعب الذي تخلّفه الحرب من خلال نظرات أطفال غزَّة البريئة والنقية.
-
77:03 - 77:07?????????????????????
-
77:07 - 77:12كتبت سوزان ابنة الخمسة عشر ربيعاً:
-
77:12 - 77:22الحياة في غزَّة شديدة الصعوبة. في الواقع لا يمكننا وصف كل شيء.
-
77:22 - 77:29حيث لا نستطيع النوم ولا نستطيع الذهاب إلى المدرسة أو الدراسة.
-
77:29 - 77:32لدينا الكثير من المشاعر المختلطة، فأحياناً نشعر بالخوف والقلق
-
77:32 - 77:34بسبب قصف الطائرات والزوارق لنا 24 ساعة في اليوم.
-
77:34 - 77:39وأحيانا نشعر بالملل بسبب انقطاع التيار الكهربائي في النهار، وفي الليل لا يتوفر التيار سوى لمدة أربع ساعات،
-
77:39 - 77:43الوقت حينئذ لمشاهدة الأخبار على شاشة التلفاز،
-
77:43 - 77:47ونرى كيف يُجرَح الأطفال والأمهات ويموتون. ذلك أننا نعيش في ظلِّ الحصار والحرب».
-
77:47 - 77:52وكتبت فاطمة ذات الثلاثة عشر ربيعاً:
-
77:52 - 78:01كان هذا الأسبوع الأشد قساوة في حياتنا.
-
78:01 - 78:05ذهبنا إلى المدرسة في اليوم الأول من الامتحان النهائي للفصل الأول
-
78:05 - 78:11وبعدها بدأت التفجيرات، وقد قتل العديد من الطلاب وجرح آخرون،
-
78:11 - 78:14ومن المؤكد أن بعض الطلاب فقدوا أحد أقربائهم أو جيرانهم.
-
78:14 - 78:17لا يوجد كهرباء ولا طعام ولا حتى خبز.
-
78:17 - 78:21ماذا يمكننا أن نفعل؟ إنهم الإسرائيليون!
-
78:21 - 78:27جميع البشر في كل أنحاء العالم يحتفلون بالسنة الجديدة، أما نحن فنحتفل على طريقتنا».
-
78:27 - 78:32سارة وعمرها 11 ربيعاً كتبت:
-
78:32 - 78:35«غزَّة تعيش تحت الحصار، إنها أشبه بسجن كبير: لا ماء فيها ولا كهرباء.
-
78:35 - 78:38يشعر الناس بالخوف، إنهم لا ينامون ليلاً وكل يوم يقتل المزيد.
-
78:38 - 78:45قتل حتى الآن 400 شخص وجرح أكثر من 2000.
-
78:45 - 78:49والتلاميذ يتقدمون الآن للامتحان النهائي للفصل الأول، لذلك قصفت اسرائيل وزارة التعليم والعديد من الوزارات الأخرى.
-
78:49 - 78:56«متى سينتهي هذا؟»
-
78:56 - 79:01وهم ينتظرون مزيداً من القوارب التي تحمل ناشطين أمثال فيتوريو وليلى».
-
79:01 - 79:08داروين وعمره 8 سنوات:
-
79:08 - 79:18«أنا طفل فلسطيني: لا أريد أن أغادر وطني،
-
79:18 - 79:21لذلك سأحصل على بعض الفوائد، لأنني لا أريد أن أغادر وطني
-
79:21 - 79:27وإنني أسمع صوت الصواريخ، لذلك لا أريد أن أغادر وطني».
-
79:27 - 79:30مريم عمرها 4 سنوات.
-
79:30 - 79:35سألها أشقاؤها: ماذا تشعرين عندما تسمعين أصوات الصواريخ؟
-
79:35 - 79:39فأجابت: «أنا خائفة».
-
79:39 - 79:45قبل أن تركض لتحتمي خلف والدها
-
79:45 - 79:47الحزن يلفّ غموض غزَّة في الأيام العشرة الأخيرة,
-
79:47 - 79:51لا أستطيع أن أشحن بطارية هاتفي النقال وكمبيوتري المحمول إلا في المشافي.
-
79:51 - 79:54نشاهد التلفاز مع الأطباء وموظفي الإسعاف بينما نكون بانتظار نداء مستعجل.
-
79:54 - 80:00وننصت إلى أصوات لعلعة الرصاص في البعيد، وبعد دقائق قليلة تفيدنا قنوات التلفزة العربية
-
80:00 - 80:04بالمكان الدقيق الذي حصل فيه الانفجار.
-
80:04 - 80:08غالباً ما نشاهد أنفسنا على هذه القنوات ونحن نسحب الجثث من بين الأنقاض، وكأن رؤية هذه الجثث ذاتها على أرض الواقع لم تكن كافية لنا.
-
80:08 - 80:15في الليلة الماضية أدرت جهاز التلفاز على قناة إسرائيلية.
-
80:15 - 80:21في الليلة الماضية أدرت جهاز التلفاز على قناة إسرائيلية. كانوا يعرضون برنامجاً حول مهرجان للموسيقى التقليدية مع فتيات استعراض نحيلات، مختتمين البرنامج بعرض للألعاب النارية.
-
80:21 - 80:25بعد ذلك عدنا إلى الرعب، ليس على شاشة التلفاز لكن في سيارات الإسعاف.
-
80:25 - 80:36للإسرائيليين الحق بالضحك والغناء حتى وهم يقترفون المجازر بحق جيرانهم الفلسطينيين.
-
80:36 - 80:40أما الفلسطينيون فلا يطلبون سوى أن يموتوا ميتة مختلفة عن هذا الموت،
-
80:40 - 80:48كتلك التي كانت في العصور السحيقة.???
-
80:48 - 80:53حافظو على إنسانيتكم!
-
80:53 - 81:019 كانون الثاني/يناير 2009
-
81:01 - 81:07** قتل أبقراط
-
81:07 - 81:13ضربت فرقة إعدام في غزَّة
-
81:13 - 81:45**...بأبقراط عرض الحائط، مسدّدة بنادقها إليه ومطلقة عليه النار.
-
81:45 - 81:50إن التصريحات المنافية للعقل التي أدلى بها الناطق باسم الشرطة السرية الإسرائيلية
-
81:50 - 81:54حول إعطاء الجيش الضوء الأخضر لإطلاق النار على سيارات الإسعاف
-
81:54 - 81:59...لأنها حسب زعمهم تنقل إرهابيين،
-
81:59 - 82:06, لهي مثال على قيمة الحياة البشرية كما ينظر إليها الإسرائيليون هذه الأيام،
-
82:06 - 82:13حياة أعدائهم بالطبع.
-
82:13 - 82:19إن الأمر يستحق إعادة مطالعة
-
82:19 - 82:27...ما هو منصوص عليه في قَسَم أبقراط
-
82:27 - 82:33الذي يقسم كل طبيب على الالتزام به
-
82:33 - 82:38...قبل ممارسته مهنة الطب.
-
82:38 - 82:41الفقرات التالية تستحق الملاحظة بشكل خاص:
-
82:41 - 82:45«أتعهد بتكريس نفسي بكل جدية لخدمة الإنسانية.
-
82:45 - 82:48سوف أمارس مهنتي بكل ضمير وكرامة
-
82:48 - 82:51سوف تكون صحة مريضي أول اهتماماتي. سوف أعالج جميع المرضى بكل حرص والتزام.
-
82:51 - 82:58لن أسمح لأي اعتبار أو دين أو عرق
-
82:58 - 83:09أو سياسة حزبية أو موقف اجتماعي بالتدخل بين واجبي ومريضي».
-
83:09 - 83:18قتل تسعةُ أطباء وممرّضين متطوعين منذ بداية حملة القصف،
-
83:18 - 83:31وتم استهداف عشر سيارات إسعاف بالمدفعية الإسرائيلية.
-
83:31 - 83:38يرتجف الناجون من الخوف،
-
83:38 - 83:44لكنهم يرفضون التراجع ولو خطوة إلى الوراء
-
83:44 - 83:52إن وميض ضوء سيارات الإسعاف القرمزي
-
83:52 - 83:58...هو الضوء الوحيد في شوارع غزَّة المعتمة،
-
83:58 - 84:01عدا الوميض الذي يسبق الانفجارات
-
84:01 - 84:04بالنسبة إلى الجرائم، أصدر بيير ويتاتش رئيس منظمة الصليب الأحمر في غزَّة التقرير الأحدث.
-
84:04 - 84:07لم تستطع سيارات الإسعاف التابعة له الدخول إلى موقع مجزرة حي الزيتون شرقي مدينة غزَّة
-
84:07 - 84:14إلا بعد 24 ساعة من الهجوم الإسرائيلي.
-
84:14 - 84:19وقد أفاد عمّال الإسعاف
-
84:19 - 84:25..أنهم وجدوا أنفسهم وسط مشهد دموي مرعب:
-
84:25 - 84:34«في أحد المنازل وجدنا أربعة أطفال صغار بجانب جثة والدتهم.
-
84:34 - 84:38كانوا من الضعف بحيث لا يستطيعون الوقوف على أقدامهم.
-
84:38 - 84:40كذلك وجدنا رجلاً في مقتبل العمر وكان أيضاً لا يقوى على النهوض من شدة ضعفه.
-
84:40 - 84:45كما وجدنا نحو عشرين جثة مسجّاة في فراشها»
-
84:45 - 84:53شهود العيان على هذه المجزرة الكبيرة وصفوا ما حصل بأن الجنود الإسرائيليين
-
84:53 - 84:58قاموا بعد وصولهم إلى الحي
-
84:58 - 85:07بتجميع عدد كبير من عائلة السموني في بناية واحدة
-
85:07 - 85:13...ومضوا بعد ذلك إلى رمي القنابل عليها بشكل متكرر.
-
85:13 - 85:21كنت وزملائي في حركة التضامن الدولية نجوبُ المكان في سيارات الإسعاف التابعة للصليب الأحمر لأيام
-
85:21 - 85:24****ونعاني هجماتٍ عدة
-
85:24 - 85:31واجبنا نحن الذين في سيارات الإسعاف أن ننقذ الجرحى وليس أن ننقل الفدائيين.
-
85:31 - 85:38عندما نجد أحداً ما غارقاً في بركة من دمه
-
85:38 - 85:45لن يكون لدينا الوقت للتحقق من أوراقه الثبوتية أو أن نسأله إن كان من مؤيدي حماس أم فتح.
-
85:45 - 85:48كان غالبية الجرحى بحالة حرجة بحيث لا يستطيعون التكلم، حالهم كحال الموتى.
-
85:48 - 85:56منذ عدة أيام،
-
85:56 - 86:02وبينما كنا ننقل أحد المصابين بجراح بليغة،
-
86:02 - 86:09قفز مصاب آخر جراحه طفيفة إلى داخل سيارة الإسعاف
-
86:09 - 86:16فما كان منا إلا أن دفعناه على الفور إلى خارج السيارة
-
86:16 - 86:19لنوضح لمن كان يراقبنا من الأعلى
-
86:19 - 86:23. أننا لا نعمل كسيارة أجرة تنقل أعضاء حركة المقاومة حيث يشاؤون.
-
86:23 - 86:32في الليلة الماضية وفي مشفى القدس بمدينة غزَّة أدخلت مريم ذات السبعة عشر عاماً محمولة
-
86:32 - 86:35وهي في حالة مخاض متقدمة،
-
86:35 - 86:39والدها وأخت زوجها اللذين توفيا كانا قد أخرجا من المشفى عينه هذا الصباح،
-
86:39 - 86:45كلاهما كانا ضحية قصف عشوائي.
-
86:45 - 86:53وضعت مريم طفلاً رائعاً خلال الليل
-
86:53 - 86:55غير دارية بحقيقة أنه
-
86:55 - 87:05...وبينما كانت مستلقية في غرفة الولادة ,
-
87:05 - 87:12وصل زوجها الشاب إلى المشرحة في الطابق الذي تحتها.
-
87:12 - 87:16في نهاية الأمر،
-
87:16 - 87:18بدأت حتى الأمم المتحدة ترى
-
87:18 - 87:22...أننا جميعنا في غزَّة موجودون على المركب ذاته،
-
87:22 - 87:30وأننا جميعاً أهداف متحركة للقّناصين.
-
87:30 - 87:32وصل عدد الخسائر حتى الآن إلى 789 قتيلاً
-
87:32 - 87:36و3300 جريح
-
87:36 - 87:40(410 منهم في حالة حرجة)
-
87:40 - 87:44ومن بين القتلى 230 طفلاً، إضافة إلى عدد غير محدد من المفقودين.
-
87:44 - 87:50أما عدد القتلى في الجانب الإسرائيلي
-
87:50 - 87:53.فما زال متوقفاً عند العدد 4.
-
87:53 - 87:58في هذا الوقت أعلن جون جنغ مدير عمليات الأونروا
-
87:58 - 88:03(وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) في غزَّة.
-
88:03 - 88:07عن تعليق النشاطات الإنسانية للوكالة في قطاع غزَّة.
-
88:07 - 88:12التقيت بجنغ في مكتب راماتان الصحافي
-
88:12 - 88:19ورأيته يهزّ إصبعه بازدراء للإسرائيليين أمام الكاميرات.
-
88:19 - 88:23علقت الأمم المتحدة نشاطاتها في غزَّة بعد مقتل اثنين من العاملين لديها البارحة،
-
88:23 - 88:28وللسخرية، كان ذلك خلال فترة الساعات الثلاث المخصصة لوقف إطلاق النار الذي أعلنت عنه إسرائيل، وعادةً ما تفشل هي في التزامه.
-
88:28 - 88:33"«المدنيون في غزَّة لديهم ثلاث ساعات يومياً بتصرفهم كي يبقوا على قيد الحياة،
-
88:33 - 88:41بينما لدى الإسرائيليين الواحد والعشرون ساعة المتبقية
-
88:41 - 88:48...ليحاولوا فيها إبادتهم».
-
88:48 - 88:58ذلك ما سمعت جنغ يقوله بينما كان على بعد خطوتين مني.
-
88:58 - 89:08ياسمين، زوجة احد الصحافيين الذين ينتظرون بالرتل على معبر إيريتس كتبت لي من القدس.
-
89:08 - 89:12**أبلغتني أن إسرائيل لن تسمح لهؤلاء الصحافيين بالعبور كي لا يقوم بتصوير أو وصف هذه الكارثة غير الطبيعية الهائلة التي نزلت علينا خلال الثلاثة عشر يوماً الأخيرة.
-
89:12 - 89:16وقالت:
-
89:16 - 89:22"«ذهبت منذ يومين لإلقاء نظرة من الخارج على غزَّة.
-
89:22 - 89:29كان الصحافيون من كل أنحاء العالم متجمهرين فوق تلة رملية
-
89:29 - 89:41على بعد بضعة كيلومترات من الحدود
-
89:41 - 89:43عدد لا يحصى من الكاميرات كان موجهاً نحونا.
-
89:43 - 89:47كانت الطائرات تحوم فوق الرؤوس بحيث كنت تسمعها لكنك لا تستطيع رؤيتها.
-
89:47 - 89:53كان الأمر أشبه بالهلوسة،
-
89:53 - 89:57أشبه بشيء كأنه في رأسك، حتى ترى الدخان الأسود يرتفع في أفق غزَّة.
-
89:57 - 90:01الهضبة ذاتها أصبحت أيضاً موقعاً سياحياً بالنسبة إلى الإسرائيليين الذين يقطنون في تلك المنطقة.
-
90:01 - 90:05جاؤوا بمناظيرهم الضخمة وكاميراتهم
-
90:05 - 90:09لمشاهدة عمليات القصف مباشرةً».
-
90:09 - 90:14وبينما كنت أكتب بسرعة جنونية هذه القطعة من التقرير الإخباري،
-
90:14 - 90:21سقطت قنبلة على المبنى المجاور الذي أُوجد فيه الآن
-
90:21 - 90:27اهتز زجاج النوافذ جراء الانفجار وآلمتني أذناي.
-
90:27 - 90:32نظرت عبر النافذة فرأيت المبنى الذي يحوي معظم وكالات الأنباء العربية وهو يُقصف.
-
90:32 - 90:39إنه واحد من أعلى مباني مدينة غزَّة
-
90:39 - 90:44ويدعى بناء الجوهرة.
-
90:44 - 90:47يتمركز فريق التصوير بشكل دائم في الطابق الأعلى
-
90:47 - 90:56وأستطيع أن أراهم جميعاً يلوّحون بأيديهم
-
90:56 - 91:00.بينما لا تزال غيمة من الدخان الأسود تغطيهم.
-
91:00 - 91:03في هذه البقعة من العالم يعتبر موظفو الإسعاف والصحافيون أكثر المهنيين بطولة.
-
91:03 - 91:07زرت البارحة تميم في مشفى الشفاء،
-
91:07 - 91:09إنه صحافي نجا من هجوم جوي.
-
91:09 - 91:15لقد شرح لي ما يظنه أن إسرائيل تتبنى
-
91:15 - 91:22التقنية الإرهابية ذاتها التي تتبناها منظمة القاعدة
-
91:22 - 91:26قصف الأبنية
-
91:26 - 91:31والانتظار حتى قدوم الصحافيين وسيارات الإسعاف
-
91:31 - 91:36ثم تعمل على إطلاق قنبلة أخرى
-
91:36 - 91:39... لتنهي ما بدأته الأولى.
-
91:39 - 91:42في هذه الحالة يمكننا أن نتبين لماذا
-
91:42 - 91:45..يوجد بين المصابين العديد من الصحافيين والمسعفين.
-
91:45 - 91:48وبينما هو يقول ذلك، أومأت الممرضات اللواتي كنّ حول سريره برؤوسهن تأييداً لكلامه.
-
91:48 - 91:51مبتسماً، أظهر لي تميم ما تبقّى من رجليه المقطوعتين.
-
91:51 - 91:54كان سعيداً لأنه ما زال على قيد الحياة كي يخبر القصة،
-
91:54 - 91:59في حين زميله محمد
-
91:59 - 92:03توفي والكاميرا في يده عندما وقع الانفجار الثاني القاتل.
-
92:03 - 92:09في أثناء ذلك سألت عن القنبلة التي سقطت على المبنى المجاور
-
92:09 - 92:15حيث جرح صحافيان فلسطينيان
-
92:15 - 92:18أحدهما يعمل لصالح التلفزيون الليبي والآخر لصالح تلفزيون دبي.
-
92:18 - 92:24يعتبر هذا تذكيراً قاسياً بأنه لا يجوز أن يتم تسجيل أو وصف هذه المجزرة بأي شكل من الأشكال.
-
92:24 - 92:30كل ما بقي لي هو الأمل
-
92:30 - 92:35..بعدم وجود أحد من بين القادة العسكريين الإسرائيليين
-
92:35 - 92:41يقرأ جريدة إلمانيفستو
-
92:41 - 92:43أو من هو معتاد على زيارة مدوّنتي على شبكة الإنترنيت.
-
92:43 - 92:52حافظوا على إنسانيتكم!
-
92:52 - 92:5510 كانون الثاني/يناير 2009
-
92:55 - 93:00التدمير الشامل: العمل جارٍ على قدم وساق
-
93:00 - 93:03أعطتنا بعض العائلات الفلسطينية عدداً من المنشورات الورقية التي سقطت من السماء في الأيام القليلة الماضية
-
93:03 - 93:09إنها نوع من المجاملة أبدتها القوة الجوية الإسرائيلية بدلاً عن القنابل المألوفة
-
93:09 - 93:30تقول القصاصة الأولى:
-
93:30 - 93:36"إلى كل الناس الذين يعيشون في هذه المنطقة
-
93:36 - 93:40بسبب النشاطات الإرهابية والإرهابيين المنحدرين من مناطقكم والذين يقومون بهجمات إرهابية ضد إسرائيل
-
93:40 - 93:49فقد وجدت القوات الحربية الإسرائيلية نفسها مرغمة على القيام بعمل فوري في منطقتكم
-
93:49 - 93:56ونتيجة لذلك فإننا نلحّ عليكم بأن تُخلوا المنطقة في الحال من أجل سلامتكم
-
93:56 - 94:01التوقيع الجيش الإسرائيلي».
-
94:01 - 94:05باختصار، يلصق الإسرائيليون على كل باب عبارة «العمل جارٍ على قدم وساق»
-
94:05 - 94:14وذلك قبل تهديم أحياء كاملةً
-
94:14 - 94:22وبذلك يحطمون الآمال في حياةٍ ما حاضراً ومستقبلاً
-
94:22 - 94:29من الواضح أن هؤلاء الذين ليس لديهم مكان يهربون إليه قد كتب عليهم أن يُدفَنوا تحت أطنان من الأنقاض
-
94:29 - 94:32لقد حذّرونا منذ فترة قصيرة أنهم ينوون إلقاء المزيد من المنشورات
-
94:32 - 94:41مهددين بأن «مرحلة جديدة من الحرب على الإرهاب على وشك أن تبدأ».
-
94:41 - 94:46في الحقيقة بدا قادة الجيش الإسرائيلي مهذبين:
-
94:46 - 94:52طلبوا من سكان غزَّة أن يتعاونوا قبل أن يسحقوهم كالحشرات
-
94:52 - 95:01إذا لم تكن المنشورات مقنعة بشكل كافٍ
-
95:01 - 95:08فالسبب يعود إلى أن القوات الجوية كانت تقرع على أسطح منازل غزَّة بلطف
-
95:08 - 95:13إنه نوع جديد من التكتيك، فقد ألقيت قنابل أقل فاعلية بعض الشيء
-
95:13 - 95:18مع ذلك فهي من القوة بحيث تستطيع تصديع الأسقف وإزالتها عن المنازل، مقنعةً ساكنيها بإخلائها
-
95:18 - 95:24بعد دقيقتين أو ثلاث اندفعت الطائرات بالقرب منا من جديد ولم يتبقَّ شيء من المنازل
-
95:24 - 95:27أين سيذهب القاطنون؟
-
95:27 - 95:34ليس هنالك من ملجأ آمن على طول القطاع وعرضه
-
95:34 - 95:43أما بالنسبة إليّ فقد أصبحت أخاف على حياتي حين أكون في سيارة الإسعاف أو ماراً بالقرب من جامع أو مدرسة
-
95:43 - 95:54أكثر مما أخاف حين أقف أمام أي من المباني الحكومية التي لا تزال قائمة
-
95:54 - 96:05في الليلة الماضية، وعلى بعد 20 متراً من منزلي
-
96:05 - 96:09دمرت طائرة حربية محطة إطفاء حريق
-
96:09 - 96:13أما هذا الصباح فقد اكتشفت حفرةً عمقها بضعة أمتار على الطريق الموازي للميناء
-
96:13 - 96:20كانت تبدو وكأن نيازكَ نزلت من السماء وحفرتها كما في أفلام الخيال العلمي
-
96:20 - 96:29الفرق هنا هو أن هذه التأثيرات الخاصة مؤلمة كثيراً
-
96:29 - 96:32عند زيارتك مشفى الشفاء المكتظ بالجرحى الذين ينتظرون المعالجة
-
96:32 - 96:36يمكنك الالتقاء بطبيب لا يبدو عربياً:
-
96:36 - 96:45إنه مادس غيلبرت الطبيب النرويجي من منظمة نورواك غير الحكومية
-
96:45 - 96:56غيلبرت طبيب مخدِّر قام بتأكيد شكوكنا باستخدام إسرائيل أسلحة محرمة دولياً ضد المدنيين في غزَّة:
-
96:56 - 97:03«يأتي إلينا العديد من الجرحى الذين بحاجة إلى بتر أكيد حيث تكون أرجلهم قد سحقت
-
97:03 - 97:08وذلك حسب اعتقادي بتأثير قنابل الديم» (Dime)
-
97:08 - 97:12(وقنبلة الديم نوع مبتكر من القنابل
-
97:12 - 97:18وخصصت لضرب أهداف محددة وإحداث أكبر قدر ممكن من الضرر حيث تحدث موجة قاتلة في منطقة سقوطها)
-
97:18 - 97:27ويحصل هذا بينما مفوّضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان نافي بيلاي
-
97:27 - 97:35تقول في تقريرها بأنه قد حصلت: «انتهاكات خطيرة جداً ربما وصلت إلى اعتبارها جرائم حرب».
-
97:35 - 97:40آخر مثال على جريمة كهذه هو تلك الجريمة التي وقعت منذ ساعات قليلة شرقي جباليا
-
97:40 - 97:44حيث كانت عائلة عبد ربه بعد لحظة من إخلاء منزلها
-
97:44 - 97:57تُحضِر بعض الحاجيات الغذائية من حانوت صغير
-
97:57 - 98:05حين قصفت بقنبلة أدت على الفور إلى وفاة ثمانية من أفرادها، بالإضافة إلى جرح اثنين بجروح بالغة
-
98:05 - 98:14كان لدى الناس الذين تكلمت إليهم في الطريق انطباعاً بأن اسرائيل تقتنص الفرص
-
98:14 - 98:21حتى عندما يكون إلقاء القنابل من دون توقّف والمدفعية الميدانية تتقدم ببطء
-
98:21 - 98:27لا يواجه الجنود الإسرائيليون مشكلة بكيفية تأمين حصص الطعام الفردية المخصصة للعسكريين ومراكمتها
-
98:27 - 98:30على عكس أهل غزَّة الذين لم يتبقَّ لديهم ولو كسرة خبز
-
98:30 - 98:36كن الخبّازين، وبعد أن نفد الطحين منهم، قاموا بخلط ما بقي لديهم بالطحين المخصص للحيوانات
-
98:36 - 98:39إنه خبز بائت منذ أسبوع ومخضرٌّ بفعل العفن
-
98:39 - 98:46تستطيع طبخه فوق نار قطعتين من الحطب
-
98:46 - 98:52ويمكنني أن أؤكد لك أنه حتى عند ذلك لا يكون طيب المذاق
-
98:52 - 99:01حمَّلت إسرائيل على جميع مواقع الإنترنيت عشرات الأفلام الملتقطة وفق خاصية عين الطائر
-
99:01 - 99:07عارضة فيها ما تزعمه دقة عمليات القصف
-
99:07 - 99:20ضد «الإرهابيين» أو ضد مستودعات أسلحة ومتفجرات العدو المفترضة
-
99:20 - 99:26إن عدد الضحايا المدنيين المذهل كافٍ لدحض هذه الأفلام
-
99:26 - 99:30أتعجب كيف يمكن إسرائيل أن تصف نفسها أنها متحضرة وديمقراطية
-
99:30 - 99:38في وقت لا يتوانى فيه جيشها، في إطار سعيه لقتل وتهجير عدوّه
-
99:38 - 99:50عن ضرب وتهديم بناءٍ مكتظٍ بالسكان، دافناً العشرات من الضحايا الأبرياء أحياءً
-
99:50 - 99:55إن مَثَل ذلك كمثل الجيش الإيطالي إذا ما حاول القبض على مجرم خطير من المافيا
-
99:55 - 100:02فإنه يعمد إلى قصف مركز مدينة بالميرو بشكل عنيف.
-
100:02 - 100:07وصل عدد القتلى الفلسطينيين إلى 821 قتيلاً
-
100:07 - 100:17بينهم 93 امرأة و235 طفلاً
-
100:17 - 100:20كما قتل 12 مسعفاً كانوا على رأس عملهم، وتوفي ثلاثة صحافيين. أما الجرحى فقد وصل عددهم إلى 3350 جريحاً
-
100:20 - 100:30أكثر من نصفهم تحت سن 18 عاماً
-
100:30 - 100:37ووفق «مركز الميزان لحقوق الإنسان» في جباليا المشهود له بصدقيته
-
100:37 - 100:43فإن 85% من الضحايا المدنيين الفلسطينيين قتلوا بمذابح في الأسبوعين الأخيرين
-
100:43 - 100:54ومع ذلك فقد بقي عدد القتلى بين الإسرائيليين متوقفاً عند الرقم 4.
-
100:54 - 101:03إذا لم تستطع الأمم المتحدة حماية السكان المدنيين الفلسطينيين
-
101:03 - 101:16الفلسطينيين من الانتهاكات الإسرائيلية الخطيرة لمواثيقها الدولية الخاصة بحقوق الإنسان
-
101:16 - 101:22فإن أصدقائي في حركة غزَّة الحرة سوف يوجّهون إليها طلقة، إذ إنهم جاهزون، كما كانوا دائماً، للإبحار إلى غزَّة خلال بضعة أيام
-
101:22 - 101:25وسيكون من بين من سيأتي أطباء وممرضون وناشطين في مجال حقوق الإنسان
-
101:25 - 101:32يعتبرون أنه من واجبهم الشخصي فعل أي شيء يقدرون عليه في المجال الإنساني لتقديم بعض إجراءات الحماية
-
101:32 - 101:41لقد حاولوا من قبل القدوم آملين الوصول إلى هنا في 31 كانون الأول/ديسمبر على متن قارب الكرامة
-
101:41 - 101:48لكن البحرية الإسرائيلية قصفت مركبنا في المياه الدولية
-
101:48 - 101:53في محاولة منهم لإغراقه، وتحدثوا في وقت لاحق عن الأمر على أنه كان حادثاً
-
101:53 - 101:58سوف أنتظر أصدقاءنا مع حمولتهم من المساعدات الإنسانية بين أنقاض ما بقي من المرفأ
-
101:58 - 102:10متمنياً ألا يقع (حادثٌ) مماثلٌ بعيداً عن الشاطئ هذه المرة
-
102:10 - 102:15المنشور الثاني الذي ألقته الطائرات والذي قمنا بترجمته هو عبارة عن صراخ:
-
102:15 - 102:25«يا أهالي غزَّة كونوا مسؤولين عن مصيركم!
-
102:25 - 102:33مثل الإرهابيون في غزَّة وأولئك الذين يطلقون الصواريخ ضد إسرائيل تهديداً على حياتكم
-
102:33 - 102:38وحياة عائلاتكم
-
102:38 - 102:47إذا أردتم أن تساعدوا عائلاتكم وإخوتكم في غزَّة
-
102:47 - 102:54كل ما عليكم القيام به هو الاتصال بالرقم الوارد أدناه وإعطاؤنا معلومات
-
102:54 - 103:02عن أماكن وجود هؤلاء المسؤولين عن إطلاق الصواريخ
-
103:02 - 103:12لقد حوّلتكم الميليشيا الإرهابية إلى أولى ضحايا أعمالها
-
103:12 - 103:18إن الوقاية من المزيد من الأعمال الوحشية التي ارتكبت هي الآن مسؤوليتكم
-
103:18 - 103:24لا تتردّدوا! نضمن لكم التكتم الكامل على أسمائكم
-
103:24 - 103:27يمكنكم الاتصال بنا على الرقم التالي...
-
103:27 - 103:32كما يمكنكم الكتابة لنا على عنوان البريد الإلكتروني التالي...
-
103:32 - 103:39لتزويدنا بما يتوفر لديكم من معلومات عن النشاطات الإرهابية».
-
103:39 - 103:43أدعو إولئك الذين يكتبون لي للتعبير عن تضامنهم أن يستمروا بالتعبير عن غضبهم
-
103:43 - 103:48ضد المجزرة التي تحدث حالياً ويستمروا بدعم حقوق إلإنسان.
-
103:48 - 103:55وإذا كان لديكم خمس دقائق من الوقت وبطاقة اتصال دولية
-
103:55 - 104:00فإن التفاصيل الواردة في المنشور يمكن أن تكون مساعدة لكم في الاتصال بتلك الأرقام
-
104:00 - 104:03والتعبير عن ازدرائكم لأولئك الذين يقامرون بسخرية بحياة مليون ونصف المليون من البشر عن طريق الجو والبحر والبر
-
104:03 - 104:07لن يكون هنالك أفضل من هذه الطريقة لاستهلاك بطاقة الاتصال
-
104:07 - 104:15هؤلاء الـ 235 طفلاً المذبوحون يطلبون منكم ذلك.
-
104:15 - 104:27حافظوا على إنسانيتكم!
-
104:27 - 104:3413 كانون الثاني/يناير 2009
-
104:34 - 104:39العُقبان ومنتهزو الفرص
-
104:39 - 104:48ما زلنا نحاول أن نخلق طرقاً للخلاص عبر البحر
-
104:48 - 104:59وأن نوجد ممراً خارج هذه الأرض المعذبة التي أصبحت الآن مصادرة وحبيسة
-
104:59 - 105:05هذه الأرض المغتصبة في كل بوصة منها والتي تحولت إلى مقبرة للجثث التي حرمت من الرقاد بسلام
-
105:05 - 105:15الآن ومنذ عدة أيام
-
105:15 - 105:47أصبحت حتى الجنازات أهدافاً للطائرات الإسرائيلية
-
105:47 - 105:51وكأن الفلسطينيين المقتولين يستحقون عقاباً إضافياً وهم موتى أيضاً
-
105:51 - 105:54إذا كان الممر الآمن ينازع كي يشق طريقه
-
105:54 - 105:59ويساعد أناساً في رمقهم الأخير
-
105:59 - 106:06فإن روح الإنسانية
-
106:06 - 106:14وهو إسم واحد من أربعة مراكب تابعة لحركة غزَّة الحرة سيحاول أن يكون موجوداً من أجل نقلهم
-
106:14 - 106:16لقد أبحر اليوم من لارنكا في قبرص
-
106:16 - 106:20وسوف يجلب معه أطناناً من المساعدات الطبية التي ستفرغ في ميناء غزَّة
-
106:20 - 106:27يصاحبه أربعون طبيباً وممرضاً وصحافيون
-
106:27 - 106:32وأعضاء في البرلمان الأوروبي ونشطاء حقوق إنسان ممثلين لـ 17 بلداً مختلفاً
-
106:32 - 106:36إن كائنات بشرية من أمثالي
-
106:36 - 106:38وأمثال العديد ممن يعبّرون عن سخطهم
-
106:38 - 106:44هم على استعداد للمخاطرة بحياتهم
-
106:44 - 106:47بدل أن يذرعوا غرف جلوسهم بسلبية جيئة وذهاباً
-
106:47 - 106:51بدل أن يذرعوا غرف جلوسهم بسلبية جيئة وذهاباً بينما يشاهدون نشرات الأخبار
-
106:51 - 106:57التي لا تُظهر سوى جزءٍ يسيرٍ مما تفعله المذبحة التي وقعت على رؤوسنا هنا
-
106:57 - 107:05في التاسع والعشرين من كانون الأول/ديسمبر
-
107:05 - 107:08أصابت قذيفة أصدقائي على متن قارب الكرامة
-
107:08 - 107:10الذي هاجمته البحرية الإسرائيلية محاولةً إغراقهم
-
107:10 - 107:13توجَّب عليهم إطلاق نداء استغاثة والهروب إلى لبنان
-
107:13 - 107:16بالمحرك المعطوب الذي عانى فشلَ إقلاعٍ إضافة إلى التسرب في هيكله
-
107:16 - 107:18في تلك الحادثة كانت الصدفة المحضة هي التي منعت إصابة أحدٍ على المركب إصابة بالغة
-
107:18 - 107:27لذلك نأمل
-
107:27 - 107:30أن يتم إنقاذ (حقوق الإنسان) غداً إضافة إلى حياة الناشطين
-
107:30 - 107:35هنالك كوارث مخيفة في هذا العالم كالزلازل والأعاصير
-
107:35 - 107:39والظواهر الطبيعية المحتمة
-
107:39 - 107:44لكن غزَّة تعاني كارثة ليست بفعل الطبيعة، إنها كارثة إنسانية
-
107:44 - 107:48أطالت إسرائيل استمرارها
-
107:48 - 107:53ملحقة الخراب بشعبٍ مدفوعٍ منذ مدة طويلة نحو الفاقة والاستسلام
-
107:53 - 107:54الغزيون شعب يائس يفتقر إلى الخبز والحليب لإطعام أولاده
-
107:54 - 108:01لن يكون بإمكانهم ذرف الدموع بعد الآن عند الحداد
-
108:01 - 108:06لأنه فُرِض على عيونهم حميةٌ صارمة
-
108:06 - 108:09لا يمكن أن يستمر عالمنا بتجاهل هذه المأساة
-
108:09 - 108:15أما إذا استمر في تجاهلها فنحن لا نريد أي جزء منه
-
108:15 - 108:18إننا نتضرع كل يوم للّذي في السماء فوقنا لإيقاف هذه الإبادة الجماعية
-
108:18 - 108:23لكن غداً
-
108:23 - 108:29كل ما سنطلبه منه هو أن يصل مركبنا الصغير إلى شاطئ غزَّة
-
108:29 - 108:33مع حمولته وحالة التعاطف والشفقة التي يحملها طاقمه
-
108:33 - 108:37كذلك نطلب أن يحصل الفلسطينيون على الحقوق ذاتها التي يتمتع بها الإسرائيليون
-
108:37 - 108:40أو يتمتع بها أي شعب آخر على الكرة الأرضية
-
108:40 - 108:45يمكن البحر أن يكون مرساة الأمل
-
108:45 - 108:50أو جزءاً من مخطط عمل للتدمير. فتبعاً لوكالة (معاً) للأنباء، ووكالة رويترز
-
108:50 - 108:52اللتين ترددان خطبهما
-
108:52 - 108:56فإن الولايات المتحدة الأمريكية على وشك أن تشحن حمولة 300 طن من الأسلحة إلى إسرائيل
-
108:56 - 109:00بسفينة شحن تبحر من اليونان
-
109:00 - 109:05أسلحة وكميات ضخمة من المتفجرات وصمامات التفجير
-
109:05 - 109:10هي كل ما تحتاج إسرائيل
-
109:10 - 109:13لتجريف آلاف المنازل من أساساتها
-
109:13 - 109:16هنالك 120,000 مشرد تم تهجيرهم للتو من غزَّة إلى جباليا
-
109:16 - 109:22لكن الأكثرية، ومن ضمنهم العديد من أصدقائي
-
109:22 - 109:28لا يملكون نقوداً، وليس لديهم مكان يهربون إليه
-
109:28 - 109:31الصحافيون والأطباء وحفّارو القبور
-
109:31 - 109:36لم يتوقفوا عن عملهم منذ ستة عشر يوماً، فأصبحوا أكثر المهنيين انشغالاً في غزَّة
-
109:36 - 109:38إن العقبان التي تحوم في السماء وتتبع الطائرات التي ترمي قنابلها تثير مزيداً من الكراهية لدى الفلسطينيين
-
109:38 - 109:43وخاصة تجاه أولئك الذين يجلسون حيث كان ياسر عرفات
-
109:43 - 109:50(1929-2004) رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية معتاداً أن يجلس
-
109:50 - 109:53إنهم الآن يتلهفون للمجيء والسيطرة على العرش المتربع فوق رماد غزَّة
-
109:53 - 109:56وصل عدد الضحايا حتى الآن إلى 923 قتيلاً
-
109:56 - 110:00و4150 جريحاً
-
110:00 - 110:08بما فيهم 255 طفلاً فلسطينياً ذبحوا بشكل فظيع
-
110:08 - 110:17ولا يزال عدد القتلى بين الإسرائيليين متوقفاً عند العدد 4
-
110:17 - 110:24ظهرت إشاعات مفادها أن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قد أبلغ حكومته
-
110:24 - 110:33أن وصول عدد الضحايا بين المدنيين إلى 1000 قتيل هو الذي سيقرر الحد الذي بعده سيتم وقف هذه الهجمات الوحشية وقتل الأطفال
-
110:33 - 110:41إن هذا لأمر يشبه إلى حدّ ما الذي يحصل في أسواق فوكسيريا في بالميرو
-
110:41 - 110:45حيث إن ربع لحم البقر يعلّق في الخارج أمام الزبائن كي يصفى منه الدم
-
110:45 - 110:48وتقوم أنت بالمساومة على ثمن الكيلو الواحد
-
110:48 - 110:55عدد قليل من الفلسطينيين غير متفقين الآن مع ظهور إسماعيل هنية على الشاشة الصغيرة هنا في قطاع غزَّة
-
110:55 - 111:01لا يمكنك التحدث حول وقف إطلاق النار من دون التأسيس في الوقت عينه لرفع الحصار
-
111:01 - 111:10إن الاستمرار في فرض الحصار على غزَّة، التي تحولت الآن إلى كومة من الأنقاض
-
111:10 - 111:21وعدم السماح بوصول المؤن والأدوية
-
111:21 - 111:27ومنع الجرحى والمرضى من المغادرة
-
111:27 - 111:32هو أمر مساوٍ للحكم عليهم بإطالة أمد عذابهم
-
111:32 - 111:37كانت هذه باختصار الكلمات التي قالها قائد حركة حماس
-
111:37 - 111:49ووجّهها من غرفة محصّنة تحت الأرض، يعلم الله وحده موقعها. لقد وجدت هذه الكلمات صداها عند الرأي العام في غزَّة
-
111:49 - 111:56إنه خطاب قائد كان يمكنه أن يهرب ويلجأ إلى مكان آخر
-
111:56 - 112:03لكنه على العكس من ذلك آثر البقاء مواجهاً خطر سقوط قنبلة على رأسه مثله مثل الآخرين جميعاً
-
112:03 - 112:06تمت مقاطعتي بينما كنت أكتب هذه القطعة
-
112:06 - 112:09بمكالمة هاتفية مرعبة كالعادة
-
112:09 - 112:14تأمرنا بمغادرة المبنى قبل قصفه
-
112:14 - 112:20في الوقت الحالي أوجَدُ في بناء تعمل فيه وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية الرئيسة
-
112:20 - 112:30ومن بينها الجزيرة وراماتان ورويترز
-
112:30 - 112:36أُجبرنا على فصل أجهزتنا الكومبيوترية المحمولة والاندفاع إلى الدرج والتجمع في الشارع
-
112:36 - 112:44حيث حدقنا شاخصين بأنظارنا نحو السماء محاولين التحقق
-
112:44 - 112:48أين سيضرب برق التدمير هذه المرة
-
112:48 - 112:52ولن يكون هنالك أية كاميرا أو مراسلين لتوثيق المذبحة التي سترتكب بحق المدنيين هذه الليلة
-
112:52 - 112:56لأنه لدينا إحساسٌ بأن عدد القتلى بين المدنيين سيكون أكثر من المعتاد
-
112:56 - 113:03وبينما ما زلت واقفاً في الطريق حدقت بألبيرتو
-
113:03 - 113:10اقترب مني، فهمست له سائلاً
-
113:10 - 113:17إن كان يظن بأن من المعقول أن تكون مكالمات التهديد قد وجهت إلينا بشكل خاص
-
113:17 - 113:21بعد اكتشاف ذلك الموقع الأمريكي على شبكة الإنترنت
-
113:21 - 113:26الذي يصنّفنا كأهداف، وما جاء على ذلك الموقع هو التالي:
-
113:26 - 113:33إنذار بأن الجيش الإسرائيلي يستهدف حركة التضامن الدولية
-
113:33 - 113:40الرقم التالي للاتصال في حال استطعت أن تحدد أماكن وجود عناصر حماس وأعضاء حركة التضامن الدولية التابعين لها
-
113:40 - 113:46يمكنك الاتصال من الولايات المتحدة على الرقم التالي:
-
113:46 - 113:50011-972-2-5839749.
-
113:50 - 113:58أما من البلدان الأخرى فعليكم عدم طلب الرقم 011
-
113:58 - 114:01ساعدونا على تحييد حركة التضامن الدولية
-
114:01 - 114:05التي من المؤكد أنها قد أصبحت جزءاً من حركة حماس منذ اندلاع الحرب
-
114:05 - 114:10الهدف الأول للقوات الجوية الإسرائيلية والقوات البرية الأمريكية من حركة التضامن الدولية:
-
114:10 - 114:17هو فيتوريو أريغوني (الصورة الظاهرة أدناه) يوجد الآن في غزَّة ويساعد حماس
-
114:17 - 114:20تم نسخ هذه الوثيقة من موقع (stoptheism.com)
-
114:20 - 114:28لا تزعجوا أنفسكم بزيارة هذا الموقع
-
114:28 - 114:31أو إظهار رابط له على مواقعكم الإلكترونية
-
114:31 - 114:35إنها قضية اجتماعية يجب تمريرها إلى الأجيال القادمة لدراستها
-
114:35 - 114:40في تحليله الأقرب للحاضر
-
114:40 - 114:46سوف يصدر المستقبل حكمه غير القابل للاستئناف:
-
114:46 - 114:54كم هو مقدار الحقد الذي كان يحمله أولئك الخالون من المشاعر
-
114:54 - 114:59فلتوجهوا حقدكم ضد أي شيء يمكن أن يموّل جميع الجيوش
-
114:59 - 115:02ولنجعل من هذا الحقد ذلك الشعور الذي يمكن أن يجمع جماهير الشعوب بعضها مع بعض
-
115:02 - 115:06لا يوجد داعٍ لدى أعدائي
-
115:06 - 115:13ولدى هؤلاء الذين يتمنون استشهادي بأن يتصلوا على ذلك الرقم
-
115:13 - 115:16فالجيش الإسرائيلي يعلم بالضبط أين يمكنه إيجادي هذه الليلة
-
115:16 - 115:21سأكون على متن إحدى سيارات الإسعاف التابعة لمشفى القدس
-
115:21 - 115:26حافظوا على إنسانيتكم!
-
115:26 - 115:32حافظوا على إنسانيتكم!
-
115:32 - 115:3714 كانون الثاني/يناير 2009
-
115:37 - 115:41الأطفال أقل من الله. الأطفال الذين ما زال قتلهم يُتخذ كتعويض لذلك الحقد الذي يتوارثه القتلة من جيل إلى آخر،
-
115:41 - 115:46بالرغم من أنه لا ذنب لهم.
-
115:46 - 115:50يبدو الجنود الذين يحملون نجمة داوود مرتاحين للأدوار التي يؤدونها مثلهم مثل العديد من ناطقي العبرية المعاصرين،
-
115:50 - 115:55لذبحهم 253 طفلاً فلسطينياً حتى الآن.
-
115:55 - 115:57إنه رعب لا نهاية له،
-
115:57 - 116:39لأنه لن يوضع أي جندي أو ضابط إسرائيلي
-
116:39 - 116:42أو أية حكومة إسرائيلية أمام مسوليتهم عن جرائم الحرب التي ارتكبها.
-
116:42 - 116:48ولو أنه تم تجنّب قتل هؤلاء الضحايا البريئين لساعات قليلة،
-
116:48 - 116:51فلربما لم يكن من الضروري تجنّب تدمير تلك الأبنية والحدائق التي تستخدم كستارة يعلّقون عليها ألعابهم وأحلامهم وطموحاتهم وخيالاتهم لما سيكونون عندما يكبرون
-
116:51 - 116:57وأحلامهم وطموحاتهم وخيالاتهم لما سيكونون عندما يكبرون
-
116:57 - 117:02أما الأماكن التي خصصت للتعويض عن فقدانهم أمهاتهم وآبائهم،
-
117:02 - 117:04ولا سيما دور الأيتام، فقد أصبحت المكان المفضّل لتعشيش فصيلة من الطيور الآلية الإسرائيلية.
-
117:04 - 117:07إنها المكان الذي تذهب إليه الطائرات المقاتلة لتضع قنابلها فيه.
-
117:07 - 117:15كتب لي زميل في حركة التضامن الدولية من رفح يقول:
-
117:15 - 117:18يوم الأحد في الحادي عشر من كانون الثاني/يناير في حوالى الساعة الثالثة فجراً
-
117:18 - 117:21قامت طائرات الأف 16 بقصف دار للأيتام تابع لمؤسسة دار الفضيلة
-
117:21 - 117:24الذي يضم مدرسة ومعهداً ومركزاً لتعليم الكمبيوتر
-
117:24 - 117:29وجامعاً في شارع طه حسين في حي خربة العدس شمال شرقي رفح.
-
117:29 - 117:33وقد تضررت أجزاء من المباني بشكل كبير.
-
117:33 - 117:37كانت المدرسة تضم 500 طفل يتيم.
-
117:37 - 117:41هذا الجهاد الإسرائيلي الشخصي ضد الأماكن الإسلامية المقدسة على طول القطاع
-
117:41 - 117:45لا يزال جارياً على قدم وساق بمباركة من المجتمع الدولي الذي يمتنع عن إبداء أقلّ قدر من الاحتجاج.
-
117:45 - 117:51فبالإضافة إلى مسجد خربة العدس
-
117:51 - 117:55تم تسوية 20 مسجداً بالأرض حتى الآن.
-
117:55 - 118:02شاكرين العناية الإلهية أنه لحد الآن لم يلمس صاروخ القسام أي كنيس يهودي.
-
118:02 - 118:08وإلا فمن المؤكد أننا كنا قد سمعنا صرخات التنديد تصمّ الآذان في كل بقاع العالم.
-
118:08 - 118:13لا بد أن الله يدفع ضريبة حين يتلقى الصلوات من الفلسطينيين.
-
118:13 - 118:19من بين الضحايا الـ 950 هنالك 85% مدنيون،
-
118:19 - 118:23في وقت تتقدم فيه آلة القتل الإسرائيلية الجهنمية ببطء مُحكمة السيطرة على كل غزَّة،
-
118:23 - 118:25مدمّرةً المنازل والمدارس والجامعات والمشافي
-
118:25 - 118:29من دون أية إشارة من المجتمع الدولي حول رغبته بمقاطعتها بسبب هذه الأعمال.
-
118:29 - 118:34إنه دورنا الآن نحن،
-
118:34 - 118:41كمواطنين عاديين من دون مواطنة
-
118:41 - 118:46إن لم يكن من دون الشعور بالانتماء إلى مجمتع واحد ووحيد من مجتمعات الشعوب
-
118:46 - 118:51ألا وهو الأسرة البشرية.
-
118:51 - 118:58وقد حان الوقت لنضع العصي في عجلات هذه الآلة الجهنمية.
-
118:58 - 119:02قابلت مؤخراً الدكتور حيدر عيد، الأستاذ في جامعة القدس، في مدينة غزَّة.
-
119:02 - 119:08إنه مثقف يساري قاسٍ كالمسمار، وفي الوقت عينه طيب المعشر وعاطفي وكريم،
-
119:08 - 119:11ومن الصنف المنقرض تماماً هذه الأيام في إيطاليا.
-
119:11 - 119:13وإذا ما كانت هنالك إمكانية لإيجاد أحد من صنفه، فمن المحتمل أن صنفهم مسجون في سرداب ما تحت الأرض بعد أن أزيل من الذاكرة الجمعية.
-
119:13 - 119:18ومن المستحيل أن يتكيف نوذجهم مع اتجاه الحزبين الديمقراطين والجمهوري
-
119:18 - 119:19من حيث أن ما بعد الفاشيين يمشون يداً بيد مع ما بعد الاشتراكيين
-
119:19 - 119:25مرددين جماعياً تلك اللازمة التي يدافعون فيها عن أية مذبحة تقترفها إسرائيل.
-
119:25 - 119:30وصادف أن حيدر هو الناطق الرسمي باسم PACBI
-
119:30 - 119:36وهي (الحملة الفلسطينية لمقاطعة إسرائيل أكاديمياً وثقافياً)
-
119:36 - 119:38وأيضاً BNC (اللجنة الوطنية لحملة المقاطعة وفرض العقوبات وسحب الاستثمارات)
-
119:38 - 119:41وقد ناقشت معه موضوع المقاطعة.
-
119:41 - 119:44التاريخ معلِّم لكن ليس لديه طلاب.
-
119:44 - 119:48في الوقت الحاضر يبدو كل من نيلسون مانديلا والماهاتما غاندي غير قادرَيْن على تقديم دروس علاجية.
-
119:48 - 119:54فدرس التاريخ الذي قدّمه نموذج جنوب إفريقيا يمكن أن يبين لنا، مشكوراً، الطريق باتجاه إجبار إسرائيل الفاشية والاستعمارية
-
119:54 - 119:57على المساومة.
-
119:57 - 120:01وكان الامتناع عن مقاطعة نظام الفصل العنصري أشبه ما يكون بفعل التواطؤ معه.
-
120:01 - 120:06ما الذي يمكن أن يكون قد تغير اليوم؟
-
120:06 - 120:10فمثلي أنا، لا تعتقد الأغلبية العظمى من الشعب الفلسطيني بأن الرد المناسب على الاحتلال الإسرائيلي والمذبحة الجارية الآن
-
120:10 - 120:13هو العمليات الانتحارية مثل (الكاميكاز) أو إطلاق الصواريخ على مستوطنة سديروت.
-
120:13 - 120:17إن مقاطعة سلمية وغير عنفية
-
120:17 - 120:24هي الرد الإنساني الأكثر قبولاً على صراع، بإفساده هذه المقاطعة يكون قد ساهم بتحويل كل بادرة إلى شيء غير إنساني.
-
120:24 - 120:26إنه السلاح الأنجع في ترسانتنا اللاعنفية،
-
120:26 - 120:31كما ذكّرتنا نعومي كلاين في مقالتها في الغارديان البريطانية مؤخراً
-
120:31 - 120:33قرر حيدر النظر إلى الجانب المضيء بالرغم من مستنقع الدماء الذي نغوص فيه
-
120:33 - 120:40وكما شعر العالم بأن الوقت قد حان لقول كلمة (كفى!) بعد مذبحة شاربفيل في 21 آذار/مارس عام 1960
-
120:40 - 120:44عندما تم تقطيع أجساد 78 مواطناً إفريقياً إلى أجزاء بتواطؤ النظام البربري في جنوب إفريقيا،
-
120:44 - 120:47فإن المذبحة الجارية حالياً والتي لا تقارن بشيء، ونجم عنها قتل 1000 مدني فلسطيني يمكنها أن تنفخ الروح في حملة قوية مشابهة
-
120:47 - 120:54من أجل معاقبة إسرائيل على جرائمها
-
120:54 - 120:57كما أن حيدر يدعم فكرة إقامة دولة إسرائيلية فلسطينية
-
120:57 - 121:01علمانية وديمقراطية متعددة الأديان
-
121:01 - 121:06ويرى أنه ليس هنالك حلاً واقعياً غير هذا للخروج من الصراع القائم
-
121:06 - 121:12وبحميمية أكثر، حدثني عن النكبة التي لم يعاصرها حيث ولد بعدها بعدة سنوات
-
121:12 - 121:21فكانت بحديثه وكأنها قد عادت إلى الحياة عبر القصص التي ورثها عن عائلته
-
121:21 - 121:28وكصبي عاش بعد هذه المأساة تحدث من دون أي تكلف بالكلمات
-
121:28 - 121:30وصلت النكبة إليه ككابوس
-
121:30 - 121:35تغذّي عليه اللاشعور الجمعي لآلاف الفلسطينيين
-
121:35 - 121:38لقد عاد هذا الكابوس إلى الحياة مرة أخرى قارعاً السقوف في يوم 27 كانون الأول/ديسمبر 2008
-
121:38 - 121:44ولم يزل مستمراً يرمي بلاءه في الليالي التي لم تشهد نوماً منذ ذلك الحين
-
121:44 - 121:48شجعني حيدر على البوح بهذا، لذلك أدوّن في مفكرتي البالية نداءه
-
121:48 - 121:52بألّا أشتري بعد الآن أي شيء "صنع في إسرائيل"
-
121:52 - 121:56ويمكنك اكتشاف المواد الإسرائيلية الصنع الموجودة على رفوف الحوانيت عن طريق الباركود الخاص بها
-
121:56 - 121:59الذي يبدأ بالأرقام الثلاثة 729
-
121:59 - 122:03وللحصول على قائمة كاملة عن تلك المنتجات يمكنكم الولوج إلى هذا الموقع www.boycottisraeligoods.org
-
122:03 - 122:08قُم بكتابة قائمة كاملة وألصقها على باب ثلاجتك لحفظها من الضياع إلى حين القيام برحلة التبضع التالية
-
122:08 - 122:12"إذا اشتريت ولو كأس ماء مستورد من إسرائيل
-
122:12 - 122:16ربما تكون قد موّلت شراء إحدى الرصاصات التي ستجد لها مستقراً في جسد أحد أبنائنا" قال حيدر
-
122:16 - 122:22رأت القوة الدافعة من أجل المقاطعة النورَ في فلسطين عام 2005
-
122:22 - 122:28وهي تخطو الآن خطوات عملاقة إلى الأمام وتنتشر بين ملايين المستهلكين حول العالم
-
122:28 - 122:32ويعتبر الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز الذي طرد السفير الإسرائيلي
-
122:32 - 122:38وقطع كل العلاقات مع الدولة التي تخنقنا حالياً
-
122:38 - 122:46مثالاً يمكن أن يحتذي به جميع سياسيينا
-
122:46 - 122:50صرّح قادة النضال ضد نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا، نلسون مانديلا وروني كاسريلز وديسموند توتو
-
122:50 - 122:57أن الاضطهاد الإسرائيلي للفلسطينيين يعتبر أبغض من ذلك الذي كان يمارس ضد المواطنين السود في جنوب إفريقيا
-
122:57 - 123:02تعتبر هذه الأصوات أكثر جزماً من أصوات السياسيين الإيطاليين فراتيني وفاسينو
-
123:02 - 123:07كما انضم بعض اليهود لحملة المقاطعة
-
123:07 - 123:11حيث وصل عددهم حتى الآن إلى 500 عضوٍ من بينهم إيلان بابيه ونيتا غولان
-
123:11 - 123:15أحفاد الناجين من المحرقة ضد اليهود الذين رفعوا احتجاجهم وشعاره (Never Again: أبداً لن تكون مرة أخرى!)
-
123:15 - 123:18كما حثنا الشاعر الإسرائيلي أهارون شبتاي على التظاهر قائلاً:
-
123:18 - 123:25«إن آمالي تقع على دعم الأوروبيين
-
123:25 - 123:31آملاً أن أحفاد فولتير وروسو يمكن أن يساعدوا إسرائيل
-
123:31 - 123:35لأن إسرائيل لن تنهي احتلالها إلى أن تقول أوروبا (كفى!)
-
123:35 - 123:39لا يمكن لشيء أن يغيّر الوضع الحالي ويجلب لنا السلام، سوى الضغط الذي تمارسه الأمم المتحضرة والديمقراطية
-
123:39 - 123:43ففي الحالة هذه، والجيش هو المتهم،
-
123:43 - 123:48لا يمكن أن يكون هنالك تغيير من الداخل
-
123:48 - 123:51وبسبب القيم التي تمثلها، على أوروبا أن ترفض استمرار التعاون مع إسرائيل
-
123:51 - 123:54لذلك يجب أن يصبح الرقم 729 هو محرقتنا:
-
123:54 - 123:57أبداً لن تكون مرة أخرى!».
-
123:57 - 124:03حافظوا على إنسانيتكم!
-
124:03 - 124:1015 كانون الثاني/يناير 2009
-
124:10 - 124:14دوائر الجحيم في جباليا
-
124:14 - 124:17لم يكن بإمكان الشاعر دانتي أليغيري تخيّل دوائر جحيمية كتلك التي تحدث في ردهات مشافي جباليا المصابة بلعنة ما
-
124:17 - 124:23كما إن قوانين العدالة الإلهية قد أشاحت بوجهها عن هذا المكان بحيث إنه:
-
124:23 - 124:28بقدر ما تكون الضحية بريئة بقدر ما تقلّ فرص تجنّب استشهادها عن طريق القصف
-
124:28 - 124:31وفي مشفى كمال عدوان ومشفى القدس يبقى بلاط قسم الإسعاف الأولي الخزفي بمنتهى النظافة
-
124:31 - 125:06لأن عمّال التنظيف يواظبون على تنظيف الدم الذي يقطر بغزارة
-
125:06 - 125:09من النقالات التي تُجلب بشكل دائم لنقل الجثث المذبوحة
-
125:09 - 125:13كان إياد مطوّق يمشي في الشارع عندما مزقت قنبلة بناءً ليس بعيداً عنه
-
125:13 - 125:23هُرع هو وبعض المارّة لمحاولة المساعدة
-
125:23 - 125:26عندما أطلقت القوات الإسرائيلية قنبلة أخرى على المبنى ذاته
-
125:26 - 125:33لقد قتلت أباً لتسعة أطفال وأخوين
-
125:33 - 125:40وأحد المارة الذين أسرعوا لتقديم المساعدة
-
125:40 - 125:46يمكن أن تحكى القصة عينها عشرات ومئات المرات
-
125:46 - 125:52لقد نُفّذت التقنية الإرهابية التامة بحذافيرها من قبل الجيش الإسرائيلي
-
125:52 - 126:01ما تفعله هو أن تقوم بضرب قنبلة ثم تنتظر حتى وصول المسعفين
-
126:01 - 126:05فتقوم بإلقاء قنبلة أخرى على الجرحى والناس الذين هُرعوا لتقديم المساعدة
-
126:05 - 126:09في نظر إياد، تعتبر القنابل أمريكية الصنع، لكنها أيضاً تحمل ختم حسني مبارك، الدكتاتور المصري
-
126:09 - 126:13الذي ينافس إيهود أولمرت هنا في غزَّة عندما يتعلق الأمر بإثارة الاستياء
-
126:13 - 126:20خلف سرير إياد كان يستلقي رجل مسنّ محدّقاً بالسقف ويداه ملفوفتان باللاصق
-
126:20 - 126:25علمت أنه قد فقد كل شيء، عائلته ومنزله
-
126:25 - 126:33أخذ خالد يحدّق بشقوق اللاصق المتدلي
-
126:33 - 126:37وكأنه يَنشُد جواباً للدمار الهائل الذي أصاب وجوده
-
126:37 - 126:40لقد عَمَلَ في إسرائيل لخمسة وعشرين عاماً قبل الانتفاضة الأولى
-
126:40 - 126:48وعرفاناً منها بذلك، حرمته إسرائيل من راتب تقاعدي
-
126:48 - 126:55وكل ما عوّضته به هو سلسلة من الصواريخ من الأرض والجو على منزله
-
126:55 - 127:03إنه يعاني الآن من الشظايا التي أصابته في كل أنحاء جسده
-
127:03 - 127:09سألته إلى أين ينوي الذهاب بعد خروجه من المشفى
-
127:09 - 127:11أجاب بأنه سوف ينضم إلى عائلته.. في الشوارع
-
127:11 - 127:18على عكس عائلة خالد، هنالك الكثير من الناس الذين لا يعلمون أين يجدون مأوىً
-
127:18 - 127:24الأكثر حظاً منهم عرض عليهم أقرباؤهم وأصدقاؤهم استضافتهم لديهم
-
127:24 - 127:28لكن هل يمكنك القول بأن وجود 100 شخص محشورين في شقتين كل منهما مكونة من ثلاث غرف هو في الحقيقة حياة؟
-
127:28 - 127:32لقد ألقيت قنبلتان على منزل شخص يدعى احمد جابر، لذلك قررت عائلته الهرب
-
127:32 - 127:36لأن منهم من لن يكون محظوظاً في المرة الثالثة. جاء الانفجار الثالث
-
127:36 - 127:41ودفن تحت ركام المنزل سبعة من أقربائه
-
127:41 - 127:46بمن فيهم طفلان في سن التاسعة إضافة إلى أطفال جاره
-
127:46 - 127:50أحمد قال: «لقد جعلونا نعود للوراء في الزمن إلى عام 1948
-
127:50 - 127:56هذا عقابهم لنا بسب ارتباطنا بوطننا
-
127:56 - 128:04يمكنهم أن يفصلوا ذراعيَّ وساقيَّ عن جسدي لكنهم لن يجبروني على ترك أرضي»
-
128:04 - 128:08انتحى بي أحد الأطباء جانباً وأبلغني بأن ابنة أحمد، البالغة من العمر سبعة أعوام، أو ما تبقّى منها
-
128:08 - 128:12قد أحضر الآن إلى المشفى في علبة كرتون
-
128:12 - 128:16لم يطاوعهم قلبهم بإبلاغه كي لا يجعلوا وضعه الصحي غير المستقر يسوء أكثر
-
128:16 - 128:21في المساء أخذوا جهاز الهاتف من إياد لمنعه من تلقّي المزيد من الأخبار السيئة
-
128:21 - 128:28فقد ضربت قذيفة دبابة منزل أخته فاصلة رأسها عن جسدها في إطار تلك العملية
-
128:28 - 128:32في النهاية لم يصل قارب حركة غزَّة حرة إلى ميناء غزَّة
-
128:32 - 128:40لأنه وعلى بعد 100 ميل من وجهتهم المقررة اعترضتهم في المياه الدولية
-
128:40 - 128:47أربعة قوارب حربية إسرائيلية
-
128:47 - 128:52وكانت على أهبة الاستعداد لإطلاق النار على شحنتهم وقتل من عليها من أطباء وممرضات وناشطي حقوق إنسان
-
128:52 - 128:59يجب ألا يجرؤ أحد على إعاقة المذبحة القائمة ضد المدنيين والتي بدأت منذ ثلاثة أسابيع ووصلت إلى أوجها الآن
-
128:59 - 129:06في شرق جباليا وقرب الحدود
-
129:06 - 129:12تحدّث شاهد عيان عن وجود عدد كبير من الجثث المتفسخة على الطرقات
-
129:12 - 129:17وقد التهمت الكلاب لحمها المتعفن
-
129:17 - 129:21ويوجد هنالك مئات من الأشخاص غير القادرين على الخروج إلى أي مكان رغم وجود العديد من الجرحى بينهم
-
129:21 - 129:25كما لا تستطيع سيارات الإسعاف الدخول إلى المكان بسبب القنّاصين المنتشرين على الأسطح والتوّاقين إلى إطلاق النار
-
129:25 - 129:33لقد سئم الفلسطينيون الهوان وسط هذه اللامبالاة من الجميع
-
129:33 - 129:40حتى إن العديد منهم يتّهم الصليب الأحمر الدولي والأمم المتحدة بأنهم لا يفعلون ما فيه الكفاية
-
129:40 - 129:44بما في ذلك القيام بواجبهم والتضحية بأنفسهم لإنقاذ المئات
-
129:44 - 129:50لكننا نحن في حركة التضامن الدولية سنقوم، والحالة هذه، بتجهيز أنفسنا ببعض النقالات ونتقدم سيراً على الأقدام
-
129:50 - 129:53إلى حيث خسفت روح الإنسانية بشكل فاق كل الحدود في هذه العملية
-
129:53 - 129:59كان المستوطنون يجلسون بمؤخراتهم الثقيلة في غرف جلوسهم النظيفة على الكراسي المريحة باسترخاء يشاهدون ساستهم
-
129:59 - 130:06وهم يفرطون في الكلام حول الإستراتيجيات العسكرية ضد حماس
-
130:06 - 130:13في هذا الوقت كنّا، حرفياً، نذبح هنا
-
130:13 - 130:17لقد قصفوا المشافي
-
130:17 - 130:25ومع ذلك كان هنالك من لا يزال يدافع عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها
-
130:25 - 130:32أي بلد ذلك الذي يدّعي الحضارة
-
130:32 - 130:40ويكون الدفاع عن النفس بالنسبة إليه معادلاً للهجوم؟
-
130:40 - 130:43لقد أحصينا في الأيام العشرين التي انقضت 1075 من القتلى الفلسطينيين 85% منهم مدنيون
-
130:43 - 130:46كما أحصينا 5000 جريح نصفهم تقلّ أعمارهم عن 18 سنة
-
130:46 - 130:51وتم ذبح 303 أطفال بوحشية
-
130:51 - 130:53وللعجب، فما زال عدد القتلى في الجانب الإسرائيلي هو 4 قتلى فقط!
-
130:53 - 130:57يشير هذا الأمر إلى أن إسرائيل تعتبر
-
130:57 - 131:02ذبح ما مجموعه 250 فلسطينياً على الأقل في حمّام دم مبررٍ انتقاماً كافياً لكل ضحية مدنية إسرائيلية
-
131:02 - 131:06كيف لا يمكن رد الفعل الوحيد الجانب هذا ألا يعود بنا القهقرى
-
131:06 - 131:13إلى بعض الفترات الكئيبة من التاريخ الأوروبي الحديث؟
-
131:13 - 131:19دعونا ندخل مباشرة في صلب الموضوع: هل نتحدث بشكل جدّي عن دفاع عن النفس؟
-
131:19 - 131:24إلى الصحافيين الذين يدعمون اللازمة التي تقول إن حماس تتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الإبادة الجماعية
-
131:24 - 131:31وعن خرق الهدنة بين فلسطين وإسرائيل
-
131:31 - 131:34أرغب في تذكيرهم بموقف الأمم المتحدة من القضية
-
131:34 - 131:43البروفيسور ريتشارد فولك، المقرر الخاص بحقوق الإنسان في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة
-
131:43 - 131:49عبَّر بوضوح عن وجهة نظره:
-
131:49 - 131:55في الحقيقة كانت إسرائيل هي من خرق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني/نوفمبر
-
131:55 - 132:00عبر، ما يمكننا وصفه بشكل حرفيّ، إبادة 17 فلسطينياً
-
132:00 - 132:05والملاحظ أنه لم يسجل في الشهر المذكور سقوط أية ضحية في الجانب الإسرائيلي
-
132:05 - 132:14ولا في تشرين الأول/أكتوبر أو في الشهرين اللذين سبقاه
-
132:14 - 132:19وقد ذكَّرنا الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الحائز على جائزة نوبل للسلام، بهذه الحقيقة مؤخراً
-
132:19 - 132:25حقاً إنه لشيء مخزٍ بشكل صارخ بأن يكون صحافي مثل ماركو ترافاجليو
-
132:25 - 132:28الذي حظي بإعجابنا كمؤيد لحرية الصحافة
-
132:28 - 132:32داعماً لـ «جيش الدفاع الإسرائيلي» فيعتمر خوذته
-
132:32 - 132:36ويقوم بتسلية الجمهور عبر شاشة التلفزيون
-
132:36 - 132:41بينما يسلّي هذا الجيش نفسه بما هو أكثر رواجاً في الوقت الحاضر ألا وهو:
-
132:41 - 132:46إطلاق النار على الرضَّع في غزَّة
-
132:46 - 132:53وبينما كنت أكتب بشكل محموم على كمبيوتري المحمول في مقر وكالة رامتان الإخبارية
-
132:53 - 132:56كان جميع مراسلي وكالات الأنباء الفلسطينيين الموجودين حولي يرتدون سترات واقية للرصاص ويعتمرون خوذاً
-
132:56 - 133:03لم يكونوا قد خرجوا توّاً من دباباتهم
-
133:03 - 133:06بل كانوا بكل بساطة يجلسون أمام أجهزة الكمبيوتر طيلة الوقت
-
133:06 - 133:11في طابقين إلى الأعلى حيث تقع مكاتب رويترز، وحيث أصيب، بصاروخ مؤخراً
-
133:11 - 133:15نجم عنه إصابة صحفيين بجراح بالغة
-
133:15 - 133:18جميع المكاتب الموجودة في المبنى خالية تقريباً ولا يوجد في الجوار إلّا أكثر الصحافيين بطولةً
-
133:18 - 133:22يجب أن تُحكى حكاية هذا الجحيم باستمرار بطريقةٍ ما
-
133:22 - 133:28مع أن إسرائيل قد أكدت لرويترز بداية هذا الأسبوع أنه لا يتوجب عليهم الإخلاء
-
133:28 - 133:32باعتبار أنهم سيكونون آمنين في مكاتبهم
-
133:32 - 133:36أدى قصف مبنى الأمم المتحدة هذا الصباح إلى إصابة العديد من الأشخاص
-
133:36 - 133:41هذا المبنى الذي موّلت الحكومة الإيطالية بناءَه، إضافة إلى العديد من الأبنية الأخرى
-
133:41 - 133:44أين أنت يا سيلفيو بيرلسكوني؟
-
133:44 - 133:49سقط العديد من القتلى والجرحى
-
133:49 - 133:54تكلّم جون جنغ مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين «الأونروا» في قطاع غزَّة
-
133:54 - 134:00بصراحة حول قنابل الفوسفور الأبيض
-
134:00 - 134:03في حيّ تلّ الهوى في مدينة غزَّة يحترق جناحٌ كاملٌ من مشفى القدس في هذه اللحظات
-
134:03 - 134:08وقد حوصر في الداخل 40 طبيباً وممرضة و100 مريض
-
134:08 - 134:12إضافة إلى ليلى زميلتنا في حركة التضامن الدولية
-
134:12 - 134:15وقد وصفت لنا تلك الساعات الأخيرة المثيرة عبر الهاتف
-
134:15 - 134:18فقد تمركزت دبابة أمام المشفى بينما ينتشر القنّاصون في كل مكان وهم على استعداد لإطلاق النار على أي شيء
-
134:18 - 134:21كما يسود الدمار في كل مكان
-
134:21 - 134:26ومن خلال نوافذهم كان بإمكانهم ليلاً مراقبة بناء تلتهمه النيران بعد أن تم قصفه
-
134:26 - 134:33وقد سمعوا أصوات استغاثات أطفال وعائلات بأكملها
-
134:33 - 134:41تلتمس النجدة
-
134:41 - 134:46كانوا عاجزين عن تقديم المساعدة
-
134:46 - 134:51وهم يراقبون أناساً تخرج إلى الشوارع والنيران تشتعل فيهم
-
134:51 - 134:57ثم ما يلبثون أن يتحولوا إلى رماد
-
134:57 - 135:00لقد غيَّرَ الجحيم موقعه وجاء كي يتمركز في قلب غزَّة
-
135:00 - 135:06وكنا نحن المغضوب عليهم
-
135:06 - 135:10الذين ابتُلوا بهذه الكراهية اللاإنسانية
-
135:10 - 135:12حافظوا على إنسانيتكم!
-
135:12 - 135:1516 كانون الثاني/يناير 2009
-
135:15 - 135:20انقلاب الجغرافيا رأساً على عقب
-
135:20 - 135:23هنالك قصة تدور حول رجل فلسطيني مسنّ غادر منزله بحثاً عن وجبة طعام ...
-
135:23 - 135:30خلال أحد الصباحات النادرة التي تم فيها وقف إطلاق النار.
-
135:30 - 135:33وحين أراد العودة إلى منزله لم يستطع الاهتداء إلى الطريق.
-
135:33 - 135:36كانت القذائف والقنابل قد غيرت معالم مدينة غزَّة بشكل جذري
-
135:36 - 136:22عاملة على تشويه بنية المجتمع أيضاً.
-
136:22 - 136:24أجبرت مئات العائلات على الفرار إلى وجهات مختلفة على طول القطاع وعرضه،
-
136:24 - 136:27، لدرجة أن مئات العائلات التي سكنت بجانب بعضها البعض لفترات طويلة...
-
136:27 - 136:33فقدت الاتصال فيما بينها...
-
136:33 - 136:36ولكي تصل إلى حي تل الهوى،
-
136:36 - 136:39عليك أن تمشي عبر طريقٍ التفافية.
-
136:39 - 136:44مخلّفة وراءها حُفراً وتلالاً مترامية من الأنقاض.
-
136:44 - 136:47بعد 48 ساعة من الحصار انسحبت الدبابات الإسرائيلية ليلة البارحة
-
136:47 - 136:53وتظل رائحة الموت الكريهة والواضحة دائمةَ الوجود في هذا المشهد المنعزل.
-
136:53 - 136:58ناضلت للمرور بما تبقى من أبنية ومنازل وجثث متفحمة خارج العربات وسيارات الإسعاف.
-
136:58 - 137:01وفي محاولة مني لإيجاد منزل أحمد
-
137:01 - 137:06لم تكن مهمة سهلة بسبب التحول الجذري الذي سوّى الأحياء كافة بالأرض،
-
137:06 - 137:09فأصبحت مجرد نفايات محترقة على يد القوات العسكرية الإسرائيلية.
-
137:09 - 137:12. أتذكر أن أحمد كان يعيش في طرف طريق ترابي، لكن من المستحيل عليَّ الآن أن أميّز مكانه...
-
137:12 - 137:18لأني كنت أكافح كي أخطو برجلي فوق سطح واسع واحد من الحطام ...
-
137:18 - 137:26الذي يبدو وكأنه مُضِغ وبُصِق من قبل الدبابات.
-
137:26 - 137:34وإذا ما التقطت الأقمار الصناعية صورة لغزَّة بعد انتهاء هجوم الإبادة الجماعية الهائل هذا،
-
137:34 - 137:37فسيكون من الصعب إقناع أي كان بأن المدينة التي في الصورة هي ذاتها التي في صورة التقطت قبل عشرين يوماً.
-
137:37 - 137:43أتيحت لي الفرصة بأن أضمّ أحمد مرة أخرى،
-
137:43 - 137:49، بدا الأمر وكأننا لم نرَ بعضنا منذ سنوات,
-
137:49 - 137:54بعد رحلة طويلة من مكان بعيد.
-
137:54 - 138:01لسوء الحظ لا يلوح في الأفق أي فجر جديد لرحلتنا نحو نهاية الليل،
-
138:01 - 138:03ما عدا ذلك الذي بزغ بالإكراه تجاه أولئك الذين يصدرون الأوامر للجنرالات والجنود للقيام بهذه المذبحة.
-
138:03 - 138:09دلني صديقي على المكان الذي تمركزت فيه دبابة إسرائيلية ليومين،
-
138:09 - 138:18إنه يقع أمام حديقة منزله تماماً.
-
138:18 - 138:21لقد بقيت عائلته خلال هذين اليومين متكومةً تحت الدرج،
-
138:21 - 138:24متخوفة من أن قذيفة تطلق من مدفع هاون قد تزيلهم من الوجود في أية لحظة.
-
138:24 - 138:28والليلة البارحة فقط، عصى أحمد أوامر والده المرتعب
-
138:28 - 138:32وخرج زاحفاً على الأرض ليتجرأ على النظر عبر النافذة إلى المشهد الجهنمي الذي حوله.
-
138:32 - 138:41رأى الدبابة تبتعد حتى حوالى ثلاثين متراً من منزله
-
138:41 - 138:45مصطدمة بقوة بمصراع متجرٍ كبيرٍ محدثةً فجوةً فيه.
-
138:45 - 138:47وراقب بعدها جنوداً خرجوا من العربة المدرعة
-
138:47 - 138:54ودخلوا المتجر عبر الفجوة، متجولين فيه بمرح من أجل (التبضع).
-
138:54 - 138:59ملأوا الدبابة بالبضائع إلى درجة أصبحوا يجاهدون من أجل الدخول فيها.
-
138:59 - 139:04بعد ذلك وصف لي الضحكات التي كانوا يفتعلونها من أجل إدخال البهجة إلى قلوبهم والأغاني الساخرة
-
139:04 - 139:11التي تأتي على شكل موسيقى تصويرية للانفجارات التي كانت تدوّي طيلة الليل
-
139:11 - 139:14«علي، محمد هذه رسالة إلى ربكما الأكبر!».
-
139:14 - 139:20المقاومة التي استطاعت أن تعيق تقدم الدبابات الإسرائيلية لعدة أيام
-
139:20 - 139:23قد انتهت إلى الفشل في ظرف ساعات.
-
139:23 - 139:27وبينما لم يستطع الكلاشنكوف سوى أن يدغدغ دروع الدبابات المصفحة،
-
139:27 - 139:31كان بإمكان قذائف الهاون أن تنسف أي منزل عن بكرة أبيه.
-
139:31 - 139:37وهي مفارقة تندرج على حي الأبراج السكني
-
139:37 - 139:40ذي البنايات الشاهقة الذي تقطنه بشكل أساسي عائلاتُ الهيئة التدريسية الخاصة بجامعة الأقصى المتعاطفون مع حركة فتح
-
139:40 - 139:46والذي لم يأوِ إليه بالتأكيد أي ممن يعتبره سكانه من «إرهابيي حماس».
-
139:46 - 139:52وبقدر يقيني بهذه الحقيقة، فإنني على ثقة بأن هذا الأمر معروف على نطاق واسع في تل أبيب
-
139:52 - 139:55التي لا يضيرها إن تحول هذا الحي إلى كومة من الأنقاض كبقيّة الأحياء الأخرى.
-
139:55 - 139:59بجانب الأبنية المتهدمة كانت تنتصب مشفى القدس قبل أن تتعرض لحريق البارحة.
-
139:59 - 140:03وقتها سارع رفاقي في حركة التضامن الدولية لمساعدة طاقم المشفى
-
140:03 - 140:07على إخلاء الجرحى الثلاثمائة إلى مشفى الشفاء، مشفى مدينة غزَّة الثاني.
-
140:07 - 140:14استغرق الأمر منهم ساعات عدة لأن نقل مرضى جراحهم بليغة
-
140:14 - 140:19يتطلب استخدام سيارات إسعاف خاصة وهو ما يفتقده الفلسطينيون.
-
140:19 - 140:25انتظرنا حتى آخر شخص تم إخلاؤه برفقة الطبيب داكفين بجوركليد من مؤسسة نورواك النرويجية غير الحكومية،
-
140:25 - 140:32وسألنا الممرضات اللواتي نجون من الحريق بعض الأسئلة.
-
140:32 - 140:38تلك قصص مرعبة مدعّمة ببيانات رفاقي شهود العيان
-
140:38 - 140:42في حركة التضامن والذين شاهدوا على بعد 200 متر من المشفى حوالى 30 جثة
-
140:42 - 140:49كان بينها نساء وأطفال، منهم من كان لا يزال على قيد الحياة
-
140:49 - 140:54ولم يتمكن أحد من إسعافه لأن القنّاصين المنتشرين على الأسطح كانوا يطلقون النار على كل ما يتحرك.
-
140:54 - 140:59تعود تلك الجثث النازفة الملقاة على الطريق لمدنيين نجوا من منازلهم التي شبت فيها النيران بعد تعرّضها للقصف.
-
140:59 - 141:05ولم يتردد القنّاصون الإسرائيليون باصطيادهم واحداً تلوَ الآخر
-
141:05 - 141:11بمن فيهم الأطفال عندما ظهروا على مناظير بنادقهم.
-
141:11 - 141:18سأعترف أن شعاري «حافظوا على إنسانيتكم!»
-
141:18 - 141:24قد تم اختباره بشكل مريع في الأيام القليلة الماضية، لكنه رغم ذلك بقي سليماً.
-
141:24 - 141:27لقد استُلَّ خلال الأيام القليلة الماضية تماماً كفخر إنسان لارتباطه بأرضه الأصلية.
-
141:27 - 141:32وقد تم وصفه أنه مثله مثل الهوية ومثل حق تقرير المصير الذي مكّن شعب غزَّة من الاستمرار.
-
141:32 - 141:40في هذه الأثناء تستطيع أن تلاحظ أنه بدءاً من دكتور الجامعة إلى الناس الذين تلتقي بهم في الشارع، من الطبيب والممرض
-
141:40 - 141:45إلى المراسلين الصحافيين وصيادي الأسماك والمزارعين،
-
141:45 - 141:51الرجال والنساء والمراهقين، هؤلاء الذين خسروا كل شيء ولم يبقَ لديهم ما يخسرونه.
-
141:51 - 141:55جميعهم يستخدم آخرَ نفَس له عبر القول: «إن شاء الله»
-
141:55 - 142:02إكراماً لإيمانهم الصادق بأن جذورهم تمتد عميقاً في الأرض لدرجة
-
142:02 - 142:09لن تستطع معها الجرافات المعادية أن تقتلعهم منها.
-
142:09 - 142:15وبينما أكتب هذا تعرض شاشة تلفزيون بالقرب مني مشاهد من داخل مشفى الشفاء
-
142:15 - 142:20يظهر فيها رجال تغطّي الدموع وجوههم كما لو أنهم يحاولون احتواء فيضان اليأس.
-
142:20 - 142:23وليس بعيداً في حي الشجاعية شرق غزَّة، قتلت طلقة دبابة سبعة أشخاص وجرحت 25 آخرين،
-
142:23 - 142:30وجميعهم كانوا يشاركون في جنازة لدفن أفراد عائلة كاملة قتلوا في اليوم السابق.
-
142:30 - 142:34اعتذر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك البارحة لـ (بان كي مون)، الأمين العام للأمم المتحدة،
-
142:34 - 142:40عن قصف المدفعية الإسرائيلية مقرَّ وكالة غوث
-
142:40 - 142:44اللاجئين الفلسطينيين في مدينة غزَّة
-
142:44 - 142:52والذي بني بتمويل من الحكومة الإيطالية. (أين أنت يا بيرلسكوني؟).
-
142:52 - 142:57وقال باراك إن هذا العمل ناتج عن «خطأ مريع».
-
142:57 - 143:04لم يحمل كلام باراك أي اعتذار لعائلات الأطفال الفلسطينيين الـ 357 الذين قتلوا حتى الآن،
-
143:04 - 143:10من الواضح أن ذلك لم يكن عن طريق الخطأ.
-
143:10 - 143:17روى لي موظفو الإسعاف في الصليب الأحمر قصة تدور حول موقع مجزرة ذهبوا إليه في حي الزيتون.
-
143:17 - 143:20كان هنالك طفل مصاب بسوء التغذية جاثماً أمام جثة والدته
-
143:20 - 143:22التي وصلت إلى مرحلة متقدمة من التفسخ.
-
143:22 - 143:28وكان قد اعتنى بجثتها لمدة أربعة أيام وكأنها ما زالت على قيد الحياة.
-
143:28 - 143:31لقد مسح الدماء عن وجهها
-
143:31 - 143:38وزحف بنفسه خلال أنقاض ما كان مرة منزلهم
-
143:38 - 143:41جالباً لها الماء والخبز والبندورة ووضعها بعناية بالقرب من رأسها،
-
143:41 - 143:48كان يعتقد أنها نائمة ليس إلا.
-
143:48 - 143:52كان القنّاصة الإسرائيليون يمنعون الصليب الأحمر من الدخول إلى المنطقة لتقديم المساعدة،
-
143:52 - 143:54فلم يتمكنوا من الوصول إلى موقع المجزرة إلا بعد عدة أيام.
-
143:54 - 144:00حافظوا على إنسانيتكم!
-
144:00 - 144:0217 كانون الثاني/يناير 2009
-
144:02 - 144:05الحب تحت القصف
-
144:05 - 144:11ممارسة الجنس تحت القصف: أتذكر أن صديقاً من نابلس أخبرني مرة
-
144:11 - 144:14كم كان من الصعب عليه خلال الاحتلال أن يحصل على لحظة من الألفة مع زوجته
-
144:14 - 144:19ففي إحدى الليالي وبينما كانا مستلقيين في لحظة عناق ملؤها الرقة، ضبطتهما رصاصة حين أقحمت نفسها بينهما فأصابت اللوح الخشبي في مقدمة السرير
-
144:19 - 144:25على بعد بوصات من رأسيهما
-
144:25 - 144:58يعتبر الغزل تحت القصف في غزَّة هذه الأيام أمراً مستبعداً
-
144:58 - 145:01أما المستقبل الزوجي للمتزوجين حديثاً فإنه يُعَدُّ كي يأخذ شكل تحدٍّ
-
145:01 - 145:04العديد منهم قد فقد منزله وهم الآن مجبرون على العيش متكومين على بعضهم البعض في مدارس الأونروا
-
145:04 - 145:10أو محشورين في شقق صغيرة مع نحو 20 شخصاً
-
145:10 - 145:16«اليوم هو السبت والأزواج الجدد في تل أبيب يخرجون للمرح في النوادي أو على شاطئ البحر
-
145:16 - 145:22بينما في هذه الأثناء لا يمكننا هنا حتى أن نمارس الحب في أسِرَّتنا الخاصة»
-
145:22 - 145:25هذا ما قاله وسام المتزوج في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي
-
145:25 - 145:31«ومع ذلك لدينا أضواء متقطعة»
-
145:31 - 145:38قال ذلك في إشارة منه إلى الأضواء التي تظهر وتختفي في الجنوب كدليل على أن القصف جارٍ وفي أوجِه
-
145:38 - 145:43الشبان أمثال وسام والذين تصل أعمارهم إلى 19 سنة يصبحون آباءً في وقت مبكر جداً في هذه الحياة ويصبحون أجداداً وهم في منتصف أعمارهم
-
145:43 - 145:49مدركين أنه - كونهم في فلسطين - فإن ذلك هو الشكل الوحيد الممكن لبقائهم على قيد الحياة
-
145:49 - 145:55بينما كان يتم الحديث في الخارج حول وقف لإطلاق النار، قبلته حماس وكالعادة رفضته إسرائيل
-
145:55 - 146:00حصل في اليومين الماضيين تصعيد في عمليات القصف
-
146:00 - 146:03نتج عنه ازدياد ملحوظ في عدد الضحايا بين المدنيين
-
146:03 - 146:07وصل البارحة فقط إلى 60 قتيلاً
-
146:07 - 146:14فقد قتل نحو عشرة أشخاص خارج أحد الجوامع بعد أدائهم الصلاة
-
146:14 - 146:23والذي أقلق الفلسطينيين أكثر هو الدعوة إلى وقف لإطلاق النار
-
146:23 - 146:33من دون لحظ إعادة فتح المعابر الحدودية في الوقت عينه
-
146:33 - 146:40فقبل السماح بدخول المواد المخصصة لإعادة البناء
-
146:40 - 146:44مطلوب تأمين المواد الغذائية على وجه السرعة
-
146:44 - 146:47وإخراج الجرحى ذوي الجراح البليغة إلى خارج القطاع للعلاج
-
146:47 - 146:50لقد اكتظت المشافي إلى حد كبير بالمرضى
-
146:50 - 146:55ففي قطاع غزة لا تصل قدرتها الاستيعابية سوى لـ 1500 سرير
-
146:55 - 146:59بينما وصل عدد الجرحى في الوقت الحاضر إلى حوالى 5320 جريحاً
-
146:59 - 147:04من جهة أخرى، وبالإضافة إلى أن الرأي العام الفلسطيني لا يثق بمصر، فإن الشخصية التي تم اختيارها لتكون وسيطاً في المحادثات
-
147:04 - 147:08تشتهر قيادتها بالتزلف للإسرائيليين
-
147:08 - 147:10«لماذا لا تتوسط الدول الأوروبية؟
-
147:10 - 147:15فقد كان الدور الذي لعبته ألمانيا التي تعتبر بحق بلداً محايداً
-
147:15 - 147:18حاسماً في التوصل إلى حل في النزاع بين حزب الله وإسرائيل»
-
147:18 - 147:24سأل الأستاذ الجامعي حمزة الذي بدا كئيباً
-
147:24 - 147:30هذا الصباح مدرسة أخرى تابعة للأونروا في بيت لاهيا
-
147:30 - 147:38شمال قطاع غزة قصفتها دبابة إسرائيلية بعنف
-
147:38 - 147:43فجرح جراء القصف 14 تلميذاً، في حين قتل بلال ومحمد الأشقر وهما أخوان يبلغان من العمر خمس وسبع سنوات
-
147:43 - 147:46أما أمهما فقد نجت من الموت لكنها فقدت كلتا ساقيها
-
147:46 - 147:49وجنباً إلى جنب 42,000 آخرين
-
147:49 - 147:54لجأ بلال ومحمد إلى المدرسة بعد أن أمرتهم إسرائيل بإخلاء منازلهم
-
147:54 - 147:59وقد ظنا أنهما سيكونان بمأمن هنالك مثلهم مثل الثلاثة والأربعين لاجئاً
-
147:59 - 148:03الذين أبيدوا في السادس من كانون الثاني/يناير في مجزرة مدرسة الأونروا في جباليا
-
148:03 - 148:08«كان هذان الطفلان بريئين بلا شك
-
148:08 - 148:17تماما مثل عدم وجود شك بموتهما الآن»
-
148:17 - 148:21هذا ما قاله جون جنغ مدير عمليات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) في قطاع غزَّة
-
148:21 - 148:24الذي يتابع بلا كلل، ورغم عدم وجود أية جدوى، إرسال تقاريره حول جرائم الحرب التي يقترفها الجيش الإسرائيلي
-
148:24 - 148:31لكن جنرالات الجيش الإسرائيلي ما زالوا غارقين في التحضير للكلمة التي ينوون توجيهها للعالم حول «المهمة المنجزة»
-
148:31 - 148:35عدت إلى ما تبقّى من مشفى تل الهوى
-
148:35 - 148:42وهو الجزء الذي بقي سليماً من المبنى بعد أن شب فيه حريق بفعل القصف الإسرائيلي
-
148:42 - 148:45ويتّخذ الآن كوحدة إسعاف وقاعدة لتوجيه سيارات الإسعاف مرة أخرى
-
148:45 - 148:50واستمروا لعدة أيام بإخراج المصابين من تحت أنقاض الأبنية المجاورة لهم والمتضررة بشكل كبير
-
148:50 - 148:55استضافت مشفى الشفاء طفلاً يدعى صهيب سليمان
-
148:55 - 149:04وهو الناجي الوحيد من عائلة مكونة من 25 فرداً قتلوا جميعاً
-
149:04 - 149:13كذلك توجد فتاة صغيرة تدعى هديل سموني فقدت 11 فرداً من عائلتها
-
149:13 - 149:17ولن تجد من يعتني بها إن تمّ خروجها من المشفى
-
149:17 - 149:23أرجو المعذرة، لكن هل من أحدٍ يمكنه أن يشرح لي أي نوع من المهام هي هذه التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي؟
-
149:23 - 149:30تلك المهمة التي تبدأ بالعقاب الجماعي ولا تنتهي بالمجازر الجماعية
-
149:30 - 149:39وقد أوجز أحد العرب المحبطين ويدعى رجا شميِّل هذه العملية على مدونته كالتالي:
-
149:39 - 149:45خذ شريطاً من الأرض طوله 40 كيلومتراً وعرضه لا يتجاوز 5 كيلومترات
-
149:45 - 149:51سمه غزَّة
-
149:51 - 149:56ثم احشر فيه 1,400,000 نسمة
-
149:56 - 150:02ثم أحطه بالبحر من الغرب ومصر مبارك من الجنوب وإسرائيل من الشمال
-
150:02 - 150:07وأطلق عليه تسمية «أرض الإرهابيين»
-
150:07 - 150:12ثم بعد ذلك أعلن الحرب عليه وقم بغزوه بـ 232 دبابة
-
150:12 - 150:20و687 عربة مدرعة
-
150:20 - 150:25و43 مطاراً حربياً
-
150:25 - 150:27و105 طائرات حوّامة
-
150:27 - 150:31و221 وحدة مدفعية أرضية
-
150:31 - 150:37و349 مدفع هاون و3 أقمار صناعية للتجسس
-
150:37 - 150:41و64 مخبراً و12 جاسوساً و8000 جندي مهاجم
-
150:41 - 150:48بعد ذلك سمِّ كل هذا «إسرائيل تدافع عن نفسها»
-
150:48 - 150:51بعد ذلك توقف لبرهة وأعلن
-
150:51 - 150:55بأنك «تتجنب استهداف السكان المدنيين»
-
150:55 - 150:57صف نفسك بأنك الديمقراطية الوحيدة القائمة
-
150:57 - 151:01أياً كانت الطريقة التي تنظر فيها إلى الأمور، فإن معجزة فقط هي ما يمكن أن يمنع إصابة هؤلاء المدنيين
-
151:01 - 151:06أما غير ذلك فهو مجرد كذب. لكن مرة أخرى صف العملية وقل إن «إسرائيل تدافع عن نفسها»
-
151:06 - 151:12ينتصب الآن أمامنا السؤال التالي:
-
151:12 - 151:16ماذا سيحصل لو تحوّل المهاجم ليصبح كاذباً؟
-
151:16 - 151:21ماذا سيحصل لهؤلاء المدنيين العزّل من السلاح؟
-
151:21 - 151:24ومع قوة نارية كهذه، كيف يمكن حتى للأم تيريزا
-
151:24 - 151:28أو لميكي ماوس أن يتجنب ضرب جميع هؤلاء المدنيين؟
-
151:28 - 151:33سمِّ العملية ما شئت
-
151:33 - 151:41لكن إسرائيل تعرف حق المعرفة أن هؤلاء المدنيين موجودون هناك
-
151:41 - 151:43وهي نفسها من قذفتهم إلى هناك
-
151:43 - 151:47بعد كل ذلك عليك أن تسمّي الأمر بالتطهير العرقي، فقط حينئذٍ يمكن تصديقه أكثر
-
151:47 - 151:51ما عدا اغتيال اثنين من قادتها
-
151:51 - 151:56لم تعانِ حماس من هذا الهجوم
-
151:56 - 152:02وبالتأكيد لم تخسر شعبيتها
-
152:02 - 152:04هذا إن لم نقل إنها قد ربحت المزيد من هذه الشعبية
-
152:04 - 152:09سيكون من الحكمة التذكر ولو لمرة، بأن حماس ليست بضعة إرهابيين أو حزباً سياسياً
-
152:09 - 152:12إنها حركة
-
152:12 - 152:18وفي هذا الإطار سيكون من المستحيل تحييدها بعواصف من القنابل العنقودية
-
152:18 - 152:21عندما سألت بعض الفلسطينيين عن رأيهم في الأجندة الحقيقية التي تقف خلف هذه المذبحة الوحشية
-
152:21 - 152:25أجاب العديد منهم بأنه سيكون لها الدور الكبير في الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري في شباط/فبراير
-
152:25 - 152:28لقد وضعوا حملة دعائية ناجحة تقوم على مبدأ صوت واحد في وقت واحد
-
152:28 - 152:31كان الأمر يجري على هذا المنوال عشية الانتخابات السابقة جميعها
-
152:31 - 152:37فمنذ شهر تقريباً، توقع بنيامين نتنياهو بأن يكون هو الرابح المؤكد
-
152:37 - 152:39لكن الآن من المتوقع له أن يخسر في إطار المنافسة ضد إيهود أولمرت وتسيبي ليفني المتعطشين للدماء
-
152:39 - 152:45أما أفيغدور ليبرمان زعيم حزب إسرائيل بيتنا الذي يتنامى كقوة سياسية فقد حصل على 11 مقعداً في انتخابات 2006
-
152:45 - 152:51لكن استطلاعاتً الرأي تظهر بأنهم يكتسبون شعبية رغم تصريحات كالتالي
-
152:51 - 152:56"يجب أن تمحى غزة عن الخارطة باستخدام قنبلة نووية
-
152:56 - 152:58كما فعل الأمريكيون ضد اليابانيين في نهاية الحرب العالمية الثانية"
-
152:58 - 153:04صرح الصحافي الإسرائيلي أبراهام يهوشواع لصحيفة هآرتس البارحة قائلاً:
-
153:04 - 153:09«لقد قتلنا أطفالهم اليوم لنحافظ على أطفال آخرين غداً»
-
153:09 - 153:18ما أخشاه الآن هو أن «رحلته حتى نهاية الألفية»
-
153:18 - 153:28قد انتهت على متن دبابة أمام مشفى يحترق
-
153:28 - 153:31لقد دعانا فولتير لاحترام جميع الآراء
-
153:31 - 153:36أما أنا من جانبي، فأقترح التوقف عن بذر بذور الكراهية
-
153:36 - 153:41وريِّها بالدم وتغذيتها على الاستياء حتى نهاية العمر
-
153:41 - 153:46حافظوا على إنسانيتكم!
-
153:46 - 153:5119 كانون الثاني/يناير 2009
-
153:51 - 153:56الأحياء والأموات
-
153:56 - 154:00في غزَّة، وحدهم الأموات من شهد نهاية الحرب
-
154:00 - 154:04أما بالنسبة إلى الأحياء فلا يمكن لأي وقف لإطلاق النار أن يُغني عن المعركة اليومية المتمثلة بالسعي الدائم للبقاء على قيد الحياة
-
154:04 - 154:07لا يوجد لديهم مياه للشرب ولا غاز للطبخ ولا كهرباء
-
154:07 - 154:13كما إنهم يفتقرون إلى الخبز والحليب لإطعام أطفالهم
-
154:13 - 154:49وفقد الآلاف منهم منازلهم
-
154:49 - 154:53أما المساعدات الإنسانية فتتسرب عبر المعابر بالقطّارة
-
154:53 - 154:55ويعتريك الشعور بأن إحسان
-
154:55 - 154:59القتلة المتواطئين، آنيٌّ فقط
-
154:59 - 155:05سيسافر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون غداً إلى غزَّة
-
155:05 - 155:08ونحن على ثقة بأن لدى جون جنغ مدير عمليات وكالة الغوث (الأونروا) في غزَّة الكثير من القصص لإبلاغه بها
-
155:08 - 155:12بعد أن قصفت إسرائيل مدرستين تابعتين للأمم المتحدة
-
155:12 - 155:15واغتالت أربعة من موظفيها
-
155:15 - 155:19كما قصفت ودمّرت مركز الأونروا في مدينة غزَّة
-
155:19 - 155:21محولةً أطناناً من الأدوية والمواد الغذائية التي كانت مخصصة للسكان المدنيين
-
155:21 - 155:24إلى رماد خلال تلك العملية
-
155:24 - 155:29تابعتْ جبالُ الأنقاض في غزَّة لفظ الجثث التي في جوفها إلى السطح
-
155:29 - 155:38قام الصليب الأحمر البارحة في جباليا وفي تل الهوى في مدينة غزة وفي حي الزيتون
-
155:38 - 155:40وبمساعدة متطوعي حركة التضامن
-
155:40 - 155:43باستخراج 95 جثة من تحت الركام
-
155:43 - 155:48وكان العديد منها في مرحلة متقدمة من التفسخ
-
155:48 - 155:53أثناء تجوالي في شوارع غزَّة
-
155:53 - 155:57وبعد تخلّصي من خوفي الدائم من فكرة سقوط قنبلة مصوّبة بشكل جراحي لتقطع عنقي
-
155:57 - 156:03لا زال لدي الخوف من رؤية الكلاب الضالة التي تكون متحلقةً في دائرة
-
156:03 - 156:11متخيلاً ما الذي يمكن أن يظهر أمام عينيَّ
-
156:11 - 156:14أنا الذي أشكلُ وجبةً لها
-
156:14 - 156:17الرجال الذين تبدو الراحة على وجوههم عادوا إلى الانتشار في المساجد والمقاهي
-
156:17 - 156:22لكن من السهل اكتشاف نزوعهم إلى التظاهر بأن الحالة طبيعية
-
156:22 - 156:24العديد منهم إما فقدوا قريباً أو لم يبقَ لديهم مكان للعيش فيه
-
156:24 - 156:31ويتظاهرون بعودتهم إلى روتينهم اليومي كي يرفعوا من معنويات زوجاتهم وأولادهم
-
156:31 - 156:36بطريقةٍ ما، حتى هذه الكارثة يجب التعامل معها
-
156:36 - 156:39توجّهنا هذا الصباح بسيارة الإسعاف إلى أكثر الأحياء طالها التدمير في غزَّة
-
156:39 - 156:42وهما حيي تل الهوى والزيتون
-
156:42 - 156:47وتنقلنا من باب لباب حاملين في أيدينا ورقة استبيان لإجراء مسح حول مدى الضرر الذي لحق بالأبنية
-
156:47 - 156:52مسجلين المتطلبات الأكثر إلحاحاً بالنسبة إلى العائلات التي تقطن هناك، وكان أكثر ما يحتاجونه هو الأدوية للمرضى وكبار السن والرز والزيت والطحين، أي ما هو ضروري من أجل حصولهم على لقمة عيش
-
156:52 - 156:55الأدوية للمرضى وكبار السن والرز والزيت والطحين
-
156:55 - 157:01أي ماهو ضروري من أجل حصولهم على لقمة عيش
-
157:01 - 157:06كل ما كان يمكننا تقديمه لهم حتى الآن هو أمتار من رقائق النايلون
-
157:06 - 157:12ليستعيضوا بها عن زجاج نوافذهم المكسر اتقاءً للبرد
-
157:12 - 157:15أبلغني زملائي في حركة التضامن الدولية في رفح
-
157:15 - 157:21أن البلدية قد وزعت بضعة آلاف من الدولارات
-
157:21 - 157:25على العائلات التي هُدمت منازلها بشكل كلي وسويت بالأرض بفعل القنابل
-
157:25 - 157:29التي وجهت إسرائيل قنابل مماثلة لها لتدمير الأنفاق
-
157:29 - 157:34عند انتهاء معارك حرب تموز/يوليو في لبنان
-
157:34 - 157:38وزّع حزب الله ملايين من الدولارات على شكل شيكات لدعم المواطنين اللبنانيين المشردين
-
157:38 - 157:43أما في غزَّة المحاصرة والتي فرضت عليها المقاطعة
-
157:43 - 157:47فمن الصعب على حماس أن تتمكن من دعم مناصريها
-
157:47 - 157:51بما هو بالكاد يكفي لبناء حظيرة للماشية
-
157:51 - 157:56كما قال خالد، وهو مزارع من رفح
-
157:56 - 158:03وحيث إن الهدنة أحادية الجانب، قررت إسرائيل من طرفها ألّا تحترمها
-
158:03 - 158:05فقد قتل البارحة طفل فلسطيني وجرح آخر في خان يونس
-
158:05 - 158:11شرق مدينة غزة
-
158:11 - 158:14كما أمطرت حوامة إسرائيلية منطقة سكنية شرق مدينة غزَّة بقنابل الفوسفور الأبيض
-
158:14 - 158:18وفعلت الشيء ذاته في جباليا
-
158:18 - 158:22أما اليوم فقد أطلقت سفينة حربية قذائفها على سهل مفتوح
-
158:22 - 158:25من دون أن تصيب أحداً بأذى
-
158:25 - 158:32لكن بينما أقوم بكتابة هذا التقرير تواردت أنباء عن تقدم دبابات نحونا
-
158:32 - 158:37مع أنه ليس لدينا علم بإطلاق أي صاروخ فلسطيني في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة
-
158:37 - 158:40الصحافيون الدوليون يتذمرون بسبب الأنباء التي انتشرت على طول القطاع
-
158:40 - 158:45لم يستطيعوا الدخول سوى اليوم، لأن إسرائيل لم تسمح لهم بالمرور إلا بعد أن أوشكت المذبحة على الانتهاء
-
158:45 - 158:47وبينما كنت واقفاً بجانب الهيكل المحترق لما تبقى من مشفى القدس في مدينة غزَّة
-
158:47 - 158:53سألني مراسل الـ بي بي سي المذهول كيف أن الجيش
-
158:53 - 158:56يمكن أن يكون قد أخطأ وأصاب مبنىً مدنياً بدل من إصابة معقل "الإرهابيين"
-
158:56 - 159:01أجبته:
-
159:01 - 159:06«للسبب عينه الذي دفع الأطفال للفرار من الأبنية المحترقة
-
159:06 - 159:12كي يصبحوا على مرمى القنّاصة المتمركزين على الأسطح
-
159:12 - 159:18والذين لم يترددوا بقتلهم
-
159:18 - 159:24ناثرين أدمغتهم فوق الطريق»
-
159:24 - 159:28عندها قطّب المراسل حاجبيه أكثر
-
159:28 - 159:33إن الفرق الهائل بيننا نحن شهود العيان والضحايا المباشرين لهذه المذبحة من جهة
-
159:33 - 159:34وبين أولئك الذين سمعوا بها من خلال قصصنا قد أصبح الآن أكثر بروزاً
-
159:34 - 159:39أُبلغتُ من روما بأن الاتحاد الأوروبي ينوي
-
159:39 - 159:42تجميد التمويل الذي تم تخصيصه لإعادة بناء غزَّة
-
159:42 - 159:45طالما بقيت محكومة من قبل حماس
-
159:45 - 159:49/ألمحَ/
-
159:49 - 159:52وقد أوضحت المفوضة الأوروبية للعلاقات الخارجية بينيتا فيرّيرو والدنر هذه النقطة كالتالي:
-
159:52 - 159:58«ستصل المساعدة المخصصة لإعادة بناء القطاع» ذكرت الدبلوماسية الأوربية
-
159:58 - 160:04فقط في حال أن الرئيس الفلسطيني أبو مازن
-
160:04 - 160:07اعاد فرض سلطته على القطاع مرة أخرى
-
160:07 - 160:10بالنسبة إلى الفلسطينيين المقيمين في غزَّة يعتبر هذا التصريح الذي أدلى به الدبلوماسي الأوروبي دعوة واضحة من الخارج للدخول في حرب أهلية
-
160:10 - 160:16أو للقيام بانقلاب
-
160:16 - 160:19وهو مرادف لإعطاء الشرعية لعملية قتل 410 أطفال
-
160:19 - 160:27قتلوا بسبب دعم أهلهم لحكومة حماس المنتخبة ديمقراطياً
-
160:27 - 160:33في انتخابات حرة
-
160:33 - 160:38«يتبع الاتحاد الأوربي بعناية سياسة العقاب الجماعي الإجرامية التي تفرضها إسرائيل
-
160:38 - 160:44لماذا لا يودع الأموال لدى الأمم المتحدة؟
-
160:44 - 160:50أو بعض المنظمات الحكومية؟
-
160:50 - 160:52الولايات المتحدة حرّة بانتخاب تاجر حرب مثل بوش
-
160:52 - 160:56كذلك تستطيع إسرائيل أن تنتخب قادة ملطخة أيديهم بالدماء أمثال شارون أو نتنياهو
-
160:56 - 161:00لكن نحن أبناء غزَّة
-
161:00 - 161:05ألسنا أحراراً كي نختار حماس؟»
-
161:05 - 161:11كان ذلك ما خطر في بال محمد، ناشط حقوق الإنسان
-
161:11 - 161:14الذي لم يُدلِ بصوته لصالح الحركة الإسلامية
-
161:14 - 161:17بالنسبة إليّ،ٍ لا أملك أية حجة كي أناقضه بها
-
161:17 - 161:21يتعلم الفلسطينيون الأحياء من موتاهم
-
161:21 - 161:26فمنذ نعومة أظفارهم يتعلمون أن يعيشوا في الوقت الذي يموتون فيه
-
161:26 - 161:29هدنةٌ بعد هدنةٍ، يتكرَّسُ الفهمُ العامُّ لكل هدنة هنا بأنها توقّف مرعب
-
161:29 - 161:31يتم خلاله إحصاء عدد القتلى بين مذبحة وأخرى
-
161:31 - 161:34ولم يسبق أن كان السلام مراوغاً كما هو الآن
-
161:34 - 161:38فخلال تجوالنا في مدينة غزَّة على متن سيارة الإسعاف والصفارة متوقفة عن العمل لمرة واحدة
-
161:38 - 161:41يمكننا أن نجد أن الحرب ما زالت في كل مكان
-
161:41 - 161:45نجدها بين أنقاض مدينة سُرقت منها البسمة ومسكونة الآن بأناس مرتعبي النظرات
-
161:45 - 161:50تبقى عيونهم مصرّة على تفحص السماء بحثاً عن طائرات لا تزال تطير من دون توقف في الأعلى
-
161:50 - 161:55داخل أحد البيوت التي زرتها بصحبة بعض المسعفين
-
161:55 - 162:00لاحظت بأن عدة رسوم مرسومة بأقلام تلوين كانت مرمية على الأرض
-
162:00 - 162:02من الواضح أن يد طفل قد تخلّت عنها بعد إخلاء المنزل في اندفاعة جنونية
-
162:02 - 162:08التقطتُ إحدى تلك الرسومات
-
162:08 - 162:10وكانت لدبابة وحوّامة وطفل مقطّع الأوصال
-
162:10 - 162:16في منتصف اللوحة يظهر طفل ممسكاً بحجر وقد نجح بالوصول إلى مستوى ارتفاع الشمس
-
162:16 - 162:22بعد أن تسبب بإحداث أضرار لآلات القتل الطائرة
-
162:22 - 162:26قيل إن الشمس في رسومات الأطفال
-
162:26 - 162:31تمثل رغبتهم في الكينونة وفي الوجود
-
162:31 - 162:37رأيت أن الشمس تبكي ذارفةً دموعاً من دم تم تلوينها بأقلام الباستيل
-
162:37 - 162:39هل يعتبر وقف إطلاق النار أحادي الجانب مجدياً بما فيه الكفاية للشفاء من تلك المصائب؟
-
162:39 - 162:44حافظوا على إنسانيتكم!
-
162:44 - 162:5020 كانون الثاني/يناير 2009
-
162:50 - 162:53آثار الموت
-
162:53 - 162:56«عندما تنتشر تفاصيل دمار قطاع غزَّة الشامل
-
162:56 - 163:01سببي الوحيد للذهاب إلى أمستردام
-
163:01 - 163:07سيكون للوقوف أمام محكمة لاهاي الدولية»
-
163:07 - 163:15نسبت جريدة هآرتس هذه الكلمات
-
163:15 - 163:42إلى وزير إسرائيلي فضّل عدم الكشف عن اسمه
-
163:42 - 163:45أعضاء منظمات حقوق الإنسان والمواطنون الساخطون في كل أنحاء العالم
-
163:45 - 163:47إلى مشاهدة الجيش الإسرائيلي وحكومته يجرجرون إلى داخل قاعات المحكمة
-
163:47 - 163:50على أمل أن يُدانوا بسبب جرائم الحرب التي ارتكبتها أيديهم التي تلطخت بالدماء خلال المذبحة التي استمرت 22 يوماًفي غزة
-
163:50 - 163:54لم يكن قادة الجيش الإسرائيلي وأعضاء الحكومة يبدون متجانسين كثيراً أثناء ظهورهم العلني
-
163:54 - 163:58وكانوا يدّعون أن لديهم براهين قاطعة على أن المواقع التي قصفوها
-
163:58 - 164:01كانت كلها قواعد دعم لاستخدام «إرهابيّي» حماس
-
164:01 - 164:05دعني أقدم هذه المداخلة رداً على كلامهم:
-
164:05 - 164:09إننا نتكلم عن 20000 منزل تضرر جراء القصف
-
164:09 - 164:14وأكثر من 1300 ضحية بشرية
-
164:14 - 164:23للتحقق من هذه المزاعم
-
164:23 - 164:30عن مخابئ التطرف الإسلامي الإستراتيجية المهمة
-
164:30 - 164:34توجهت إلى جبل الدردور شمال القطاع، وهو واحد من أكثر المناطق التي تعرضت لقصف عنيف
-
164:34 - 164:39كانت عشرات المنازل قد سويت بالأرض
-
164:39 - 164:41وكانت الجرافات الماموثية الحجم المصفحة والتي صنعتها شركة كاتربلر (قاطِعوها!)
-
164:41 - 164:46لاستخدمها في تدمير المنازل الفلسطينية وتسويتها بالأرض
-
164:46 - 164:49قد استخدمت لمد يد العون إلى دبابات الجيش في مهمتها التدميرية
-
164:49 - 164:51رأيت هناك رجالاً ونساءً يفتشون بين الأنقاض عن خرق ثيابهم
-
164:51 - 164:55أو بعض الحقائب المدرسية المعفرة بالتراب أو الصور الشخصية المكسورة الأطر التي تضمّ عائلاتهم
-
164:55 - 165:02لم يقع نظري على أية ترسانة عسكرية مدمرة
-
165:02 - 165:05كل ما رأيته هو منازل انفصلت أسقفها عن الجدران حيث يمكنك أن تشاهد ما كان مرة غرفةَ جلوسٍ أو بقايا غرفةِ نومٍ
-
165:05 - 165:11أو مطبخٍ تحوّل إلى رماد
-
165:11 - 165:13أبو عمر، الباحث في علم الأحياء الجزيئي
-
165:13 - 165:19دعاني لرؤية ما تبقى من شقته
-
165:19 - 165:25جاره أسامة، طبيب الأطفال
-
165:25 - 165:32كذلك دعاني لرؤية منزله الذي تحوّل إلى ما يشبه المنخل بسبب الرصاص
-
165:32 - 165:34القوة الدافعة للصواريخ
-
165:34 - 165:42عملت على نثر بعض أطلال بيارة البرتقال المجاورة فوق البناء
-
165:42 - 165:45فاختلط عصير البرتقال مع الدم المخثر وانتثر على الأرضية
-
165:45 - 165:48مشكلاً ما يشبه لوحة رسام ساذج
-
165:48 - 165:52رجل مسنّ معتمراً كوفية
-
165:52 - 165:55اقترب منّا وسأل نتالي رفيقتنا اللبنانية في حركة التضامن الدولية من أين هي
-
165:55 - 166:00ملوحاً عكازته في الهواء
-
166:00 - 166:02كأنه يرسم قوساً فوق المنظر الطبيعي المدمَّر
-
166:02 - 166:08قال:
-
166:08 - 166:14«بيروت وغزَّة: اللوحة نفسها والرسّام نفسه»
-
166:14 - 166:19حتى عشّ اليمام الخاص بأسامة لم يسلم من القصف
-
166:19 - 166:22كانت طيوره ملقاة على الأرض وكأنها مهزومة بفعل السماء الثقيلة جداً على أجنحتها
-
166:22 - 166:28الثقيلة بدورها بسبب «الرصاص المصبوب»
-
166:28 - 166:31«لقد حاولوا أن يهزموا سلاح الطيران الفلسطيني
-
166:31 - 166:34أو ربما ظنوا أن هذه الطيور قد تكون سعاةً لحمل الطرود إلى حماس»
-
166:34 - 166:36قلت ذلك لطبيب الأطفال فضحك بحزن
-
166:36 - 166:40وبينما خرجنا في جولتنا بسيارتنا المعطوبة
-
166:40 - 166:44مررنا في الطريق بوفد الأمم المتحدة الذي يرأسه الأمين العام بان كي مون
-
166:44 - 166:50متنقلاً في رتل طويل من السيارات الرياضية الجديدة وذات الزجاج الملون والتي ترفع شعار الأمم المتحدة
-
166:50 - 166:52مندفعاً عبر غزَّة وكأن الأرض تهتز تحت الدواليب
-
166:52 - 166:54ذلك الاهتزاز الذي بقي متواصلاً حتى الأيام القليلة الماضية
-
166:54 - 166:59عندما كنت أطوف في اللغز المستحيل لخرائب جبل الدردور
-
166:59 - 167:04سمعت أحداً يناديني باسمي. عندما نظرت خلف كتفي، رأيت أبا أشرف
-
167:04 - 167:07كنت قد شاركت بجنازة ولده الذي قتل بانفجار قنبلة في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي
-
167:07 - 167:12وهو الشهر الذي تمت الدعوة فيه إلى وقف إطلاق النار حسب الإعلام الإسرائيلي والغربي
-
167:12 - 167:19فقد أبو أشرف مؤخراً أحد أقربائه وسوِّي منزله بالأرض
-
167:19 - 167:23«لم يتركوا لنا أي رأس ماشية أو شجرة زيتون أو حتى حجر، إنهم ليسوا بشراً»
-
167:23 - 167:28قال وهو يشير إلى بستان الزيتون الذي يخصه
-
167:28 - 167:32لقد سحقت الجرافات الإسرائيلية العديد من الأشجار وخاصة تلك التي وصل عمرها إلى أكثر من مئة عام
-
167:32 - 167:38يبدو الأمر وكأنهم يحاولون أن يعوّضوا عن عدم تمكّنهم من محو الحياة التي لا يمكن اجتثاثها من جذورها
-
167:38 - 167:44ولا محو هوية الفلسطينيين ولا رغبتهم العارمة بالعدالة والنجاة من كل تدمير
-
167:44 - 167:50وبعدما مشيت مسافة صغيرة، اقترب مني رجل متوسط العمر
-
167:50 - 167:57وسألني إن كنت أعتقد أن جميع الفلسطينيين هم فدائيون تابعون لحماس
-
167:57 - 168:04كانت ترفرف في نافذة بيته المتضرر راية حركة فتح الصفراء
-
168:04 - 168:08«إن سلاح الكلاشينكوف هو إيماننا وشرفنا
-
168:08 - 168:14وسوف ندافع عن أرضنا بأسناننا وأظافرنا بالشكل الذي يمكن أن تحمي أنت فيه ابنتك من الاغتصاب»
-
168:14 - 168:24قال لي مناصر حركة فتح هذا.
-
168:24 - 168:31إذا كان هدف إسرائيل البعيد هو عزل القطاع وتخليصه من حماس
-
168:31 - 168:33بزرع الفرقة بين أبناء الشعب المنقسم أصلاً بسبب الخلافات الداخلية
-
168:33 - 168:37فإن إسرائيل قد حققت عكس ما ابتغت
-
168:37 - 168:42لقد أعاد القصف إلى غزَّة هويتها الوطنية
-
168:42 - 168:45أما الاختبار الملموس للوضع الجديد
-
168:45 - 168:51فتمثّل بالمقاومة الفلسطينية
-
168:51 - 168:53التي كانت بطولية في محاولتها وقف تقدم الجيش الإسرائيلي
-
168:53 - 168:57وقد قاتل ذَوو اللحى المتدلّية من مقاتلي ألوية عز الدين القسام الإسلامية، الذراع العسكرية لحماس
-
168:57 - 169:02جنباً إلى جنب مع الفدائيين الماركسيين ذوي اللحى الرياضية من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
-
169:02 - 169:06ومقاتلي شهداء الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح
-
169:06 - 169:10الزمن وحده سيثبت إن كانت هذه الوحدة الجديدة بين المجموعات المسلّحة
-
169:10 - 169:12هي انعكاس للوحدة ضمن المجتمع المدني والسياسي.
-
169:12 - 169:16تاركين وراءنا الجوّ المقمر في جبل الدردور وهياكل أبنيته
-
169:16 - 169:20توقفنا أمام طفل متجهّم الوجه جالساً فوق كومة من الأنقاض
-
169:20 - 169:26أو ما تبقى من فناء منزله
-
169:26 - 169:34سألناه عما يدور في ذهنه
-
169:34 - 169:37في كلماته البسيطة كان يقول إن حماس ومقاومتها
-
169:37 - 169:42هما المسؤولان عن هذه المأساة
-
169:42 - 169:48فقامت فدا، رفيقتنا في حركة التضامن الدولية بالتنحي به جانباً بطريقة أمومية
-
169:48 - 169:54وأخبرته بإيجاز عن تاريخهم
-
169:54 - 170:00حكت له عن جنود دخلوا إلى رفح سنة 2004
-
170:00 - 170:03وقاموا بهدم أحد الأحياء بشكل كلّي
-
170:03 - 170:06تماماً مثلما حصل هنا منذ أيام
-
170:06 - 170:11في فترتها لم تكن حماس موجودة على الساحة، بل كان ياسر عرفات قائد حركة فتح الذي كان مصنَّفاً إرهابياً وعدوَّهم الأول
-
170:11 - 170:14الذي كانوا يسعون لخلعه عن السلطة وطرده من فلسطين
-
170:14 - 170:19لكن بدل استهداف معاقل حركة فتح قام الجنود الإسرائيليون بإطلاق النار والقصف بشكل عشوائي فقتلوا العشرات من المدنيين
-
170:19 - 170:22ودمّروا وقتها منزل فدا خلال هجومهم
-
170:22 - 170:26خلال عودتنا إلى مدينة غزَّة
-
170:26 - 170:30سقطت سيارتنا في حفرة أحدثتها جنازير دبابة في الخرسانة
-
170:30 - 170:34جال سائق التاكسي حول المكان وقال:
-
170:34 - 170:42«كان الموت هنا وقد ذهب تاركاً آثار أقدامه»
-
170:42 - 170:46أتساءل: كم هو الوقت الذي ستستغرقه ندوب هذه الأرض كي تشفى؟
-
170:46 - 170:55حافظوا على إنسانيتكم!
-
170:55 - 170:5922 كانون الثاني/يناير 2009
-
170:59 - 171:01ما الذي رأته دموعها
-
171:01 - 171:10عبرت عتبة منزلي في حيّ المينا مقابل مرفأ المدينة بعد بضعة أيام من الغياب.
-
171:10 - 171:12بقي كل شيء على حاله مثلما تركته تماماً،
-
171:12 - 171:17قارورة الغاز ما زالت فاقدة الشهية (فإطعامها مكلف جداً)
-
171:17 - 171:23والكهرباء مقطوعة بفعل كماشة غريبٍ ما.
-
171:23 - 172:08أما المنظر البانورامي البديع الذي كان يظهر من نافذتي فقد تغيّر
-
172:08 - 172:13ولم يعد يرفع من معنوياتي المنهارة بفعل مآسي العيش تحت الحصار. على العكس،
-
172:13 - 172:16إنه الآن مثل وضع الملح في الجرح، ذلك الجرح الذي لن يندمل طالما ذكريات المذبحة ما زالت ماثلة.
-
172:16 - 172:25على بعد عشرين متراً من مدخل المنزل كانت تنتصب محطة الإطفاء التي لم تعد موجودة، وأصبح مكانها حفرةٌ ضخمةٌ مقعّرةٌ
-
172:25 - 172:30...تتسع للأطفال كي يعبثوا فيها ويطوفوا حولها كأنما يطردون الخوف من نفوس أهاليهم.
-
172:30 - 172:36لم يعد لِأذان الظهر تلك الخاصية المريحة ذاتها لترتيل المؤذن الصادح الذي كبرتُ وأنا معتاد عليه.
-
172:36 - 172:41لا أدري أين ذهب المؤذن أو إن كان قد استطاع النجاة ومتابعة عمله على واحدة من المآذن القليلة التي بقيت سليمة.
-
172:41 - 172:46آخر مرة أصغيت فيها إليه، اضطر ذلك المؤذن المجهول إلى قطع أذانه المهيب
-
172:46 - 172:52...بسبب نوبة سعال صدري حادّ.
-
172:52 - 173:03إنه بلاء ابتليت أنا نفسي به،
-
173:03 - 173:11حيث إن غازات القنابل التي ألقيت على غزَّة لم توفر أحداً من شرّها.
-
173:11 - 173:19*** وجدتُ ورقة في إفريز نافذتي الفرنسية الطراز،
-
173:19 - 173:29كانت تحدق في شرفة منزلي الصغيرة وكأن صديقاً ما قد وضعها هناك.
-
173:29 - 173:38***إنها عبارة عن واحدة من تلك الأوراق التي كانت تلقيها الطائرات الإسرائيلي
-
173:38 - 173:46لتحذير الفلسطينيين كي يبقوا يقظين، وأن يدركوا أن للجدران آذاناً وعيوناً.
-
173:46 - 173:50«عند أقلّ عمل تهديدي ضد إسرائيل سنعود إلى اجتياح قطاع غزَّة مرة أخرى،
-
173:50 - 173:53وما شهدتموه هذه الأيام يعتبر لا شيء مقارنة بما ينتظركم».
-
173:53 - 173:59التقط بعض الصبية هذه المنشورات وقاموا بطيّها على شكل طائرات ورقية
-
173:59 - 174:04في ما بدا أنه إعادة إرسال الرسالة إلى مقصدها.
-
174:04 - 174:09أخبرني أحمد عبر الهاتف عن لعبة جديدة يلعبها الأطفال.
-
174:09 - 174:16فحتى عدة أيام كانوا يتسلون بإعادة إيقاد النار، وبكل بساطة، عن طريق ركل بقايا الفوسفور الأبيض
-
174:16 - 174:24المتناثر على طول القطاع وعرضه.
-
174:24 - 174:32حيث إن بقايا هذه القنابل لها خاصية سرعة الاشتعال ولفترة طويلة.
-
174:32 - 174:38وحتى لو التقطتها بعد عدة أيام من انفجارها تبقى قابلةً للاشتعال في حال تعرّضها للاهتزاز.
-
174:38 - 174:45ويتحدث موظّفو الإسعاف في مشفى القدس كيف أنهم أقلعوا عن محاولة إطفاء النيران
-
174:45 - 174:51التي تثيرها هذه القنابل المحرمة،
-
174:51 - 174:56فقد اكتشفوا أن ألسنة اللهب تتغذى على الماء الذي يُلقى عليها لإطفائها.
-
174:56 - 175:05«عواقب كل تلك الأشياء التي ألقيت علينا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية سوف تظهر إلى السطح مرة أخرى
-
175:05 - 175:09في المستقبل القريب عبر حالات جديدة من مرض السرطان والمواليد المشوَّهين».
-
175:09 - 175:16أبلغني الدكتور منير، وهو طبيب في مشفى الشفاء،
-
175:16 - 175:27بدا كذلك أنه، حتى جيران غزَّة قلقون من الاستخدام الهائل لتلك الأسلحة التي حرّمتها جميع القوانين والشرائع الدولية.
-
175:27 - 175:34ففي سديروت وعسقلان طلب السكان الإسرائيليون توضيحات من حكومتهم
-
175:34 - 175:37عن الأسلحة التي ألقيت علينا من أجل تعذيبنا.
-
175:37 - 175:42من الواضح أنه قد تم نثر اليورانيوم المنضّب والفوسفور الأبيض بهذه الطريقة الوحشية فوق تلك الرقعة الصغيرة جداً من الأرض التي تسمى غزَّة،
-
175:42 - 175:49.وهي بذلك لن تميّز بين مسلم ويهودي عندما يتعلق الأمر بالتسبب بأمراض عامة.
-
175:49 - 175:55ينبغي أن تكون الهدنة قد دخلت حيز التنفيذ منذ الآن،
-
175:55 - 176:01إلا أنني استيقظت اليوم على صوت طلقة مدفع مصمٍّ للآذان أطلقتها سفينة حربية،
-
176:01 - 176:11تماماً مثلما كان عليه الأمر قبل عدة أيام.
-
176:11 - 176:18خاطر بعض الصيادين الفلسطينيين الشجعان المحمّلين بشباك الصيد بالخروج من المرفأ إلى الصيد بقواربهم الصغيرة،
-
176:18 - 176:24لكن البحرية الإسرائيلية أجبرتهم على العودة.
-
176:24 - 176:30السمك الوحيد الموجود في غزَّة هذه الأيام والذي يمكن تناوله
-
176:30 - 176:36هو معلبات التونة المصرية التي جاءت عبر الأنفاق منذ أشهر.
-
176:36 - 176:46انفجر في شرقي مدينة غزَّة جسم غريب فقتل طفلين كانا يلهوان به.
-
176:46 - 176:49وتحدث شهود العيان الذين قابلناهم عن ألغام لا تزال فاعلة وموجودة الآن أمام أنقاض منازل تل الهوى.
-
176:49 - 176:55وقد قام بعض خبراء نزع الألغام الذين أرسلتهم حركة حماس بإزالتها،
-
176:55 - 176:58** وأعتقد أنه من خلال العناية التي حملوها بها إلى عربة متوقفة خارج الطريق،
-
176:58 - 177:06.فإن ألوية عز الدين القسام يمكن أن يعيدوا رسائل الموت هذه مباشرة إلى مالكيها القانونيين في وقت قريب جداً.
-
177:06 - 177:10بالنظر من فوق سطح منزل نعيمة نرى أن الحدود الفلسطينية الإسرائيلية لم يكن يبدو من السهل تحديدها
-
177:10 - 177:14في إحدى الجهات توجد تلال حافظت على اخضرارها لسقايتها بشكل دائم من قبل الكيبوتسات الإسرائيلية.
-
177:14 - 177:19على الطرف الآخر ترى العطش في أرض سرقت مياه ينابيعها.
-
177:19 - 177:29رغبت نعيمة في إخباري كل ما جرى لها في الأيام القليلة الماضية،
-
177:29 - 177:35رواية تعتمد على اللمس والسمع والشم في سردها للمجزرة
-
177:35 - 177:41على اعتبار أن نعيمة فتاة عمياء.
-
177:41 - 177:46أمر الجنود بنبرة تهديد أهل قريتها بإخلاء منازلهم والرحيل خلال دقائق قبل اقتحام المكان.
-
177:46 - 177:59حمل الرجال الأطفال الصغار فوق أكتافهم وهربوا مع نسائهم.
-
177:59 - 178:08اختارت نعيمة البقاء كي لا تُبطّئ هربهم.
-
178:08 - 178:13أما ملجؤها فلم يكن سوى منزلها الذي أملت أن يبقى سالماً،
-
178:13 - 178:20واستضافت جيرانها الذين ليس لديهم مكان آخر يذهبون إليه
-
178:20 - 178:24وهم ثلاث نساء وسيدة مسنّة ورجل مسنّ مشلول.
-
178:24 - 178:30بعد ذلك جاءت الدبابات والبلدوزرات ناشرة الموت والدمار
-
178:30 - 178:35ملتهمة هكتاراً من الأرض تلو الآخر إلى أن توقفوا أمام منزل نعيمة،
-
178:35 - 178:44وهو منزل ينتصب فوق تلة صغيرة، وكان يعتبر أعلى بناء في القرية.
-
178:44 - 178:51وعندما وجد الجنود الإسرائيليون أنه ذو موقع استراتيجي
-
178:51 - 178:57دخلوا إليه واحتلوه لأسبوعين
-
178:57 - 179:03«دخلوا إلينا وصوبوا بنادقهم نحونا
-
179:03 - 179:08ودفعونا إلى غرفة صغيرة حيث سُجِنَّا لمدة أحد عشر يوماً.
-
179:08 - 179:15خلال تلك المدة كلها جلبوا لنا مياه الشرب مرتين فقط،
-
179:15 - 179:21أما الطعام فقد جاء على شكل بقايا الوجبات التي كان يخلّفها الجنود.
-
179:21 - 179:29ولم يسمحوا لنا بالخروج إلى دورة المياه فكان علينا أن نقضي حاجتنا في زاوية من الغرفة.
-
179:29 - 179:35ولم يسمحوا لنا بالتكلم مع بعضنا البعض، وكانوا يأتون إلينا في الليل ويضربوننا،
-
179:35 - 179:41وعند ذلك كنا نتكوّم على أنفسنا في حلقة، محاولين الحصول على بعض القوة من خلال الصلاة.
-
179:41 - 179:46كانوا أحياناً يجيئون كي يخيفونا بوضع بنادقهم في مؤخرة أعناقنا، طالبين منا أن نعترف بدعمنا المزعوم لحماس
-
179:46 - 179:51فيهينوننا عندما لا نمتثل لذلك».
-
179:51 - 179:56عند نهاية اليوم الحادي عشر لحبسنا،
-
179:56 - 180:02جاء الصليب الأحمر أخيراً وحرر السجناء الستة من بين أيدي سجّانيهم.
-
180:02 - 180:07«لم يسمحوا لنا باصطحاب أي شيء حتى نظاراتي الشمسية».
-
180:07 - 180:15وأضافت أنه عندما عادت هي وجيرانها إلى منازلهم
-
180:15 - 180:20اكتشفوا حجم المسروقات التي سطا عليها الجنود.
-
180:20 - 180:26لقد سرقوا حليّهم الذهبية وبعض المدخرات المخبأة بعد أن دمروا ممتلكاتهم القليلة
-
180:26 - 180:32من جهازي تلفزيون وراديو وثلاجة وألواح الطاقة الشمسية الموجودة على السطح
-
180:32 - 180:36رأيت دموعاً في عيني تلك المرأة أخفتها خلف زجاج نظارتها الداكنة.
-
180:36 - 180:40لقد تبين أن هؤلاء الناس هم أكثر الناس وضوحاً قابلتهم خلال حياتي.
-
180:40 - 180:43في الحقيقة ما (رأته) نعيمة
-
180:43 - 180:50أكثر بكثير مما يمكن أن يتاح لشابة في مثل سنها أن تراه،
-
180:50 - 180:55إذا ما كان حظها سيئاً وولدت في هذا القطاع المعذب من الأرض.
-
180:55 - 181:03حافظوا على إنسانيتكم!
- Title:
- Stay Human - The Reading Movie (2013)
- Description:
-
Stay Human - The Reading Movie (2013)
22 days of bombing. More than 1200 civilians killed, 400 children. This movie features the complete reading of Vittorio Arrigoni's daily diary, the witness of a massacre in progress during the military operation called Cast Lead, unleashed by the Israeli government against the Gaza Strip's civilians between the end of 2008 and the beginning of 2009.
_______________________________________________Film by Fulvio Renzi
Directed by Luca Incorvaia
Full reading of the book "Gaza - Stay Human" written by Vittorio ArrigoniWith: Alberto Arce | Huwaida Arraf | Massimo Arrigoni | Mohamed Bakri | Ronnie Barkan | Egidia Beretta Arrigoni | Hilarion Capucci | Noam Chomsky | Maria Elena Delia | Norman Finkelstein | Don Andrea Gallo | Stéphane Hessel | Mairead Corrigan Maguire | Luisa Morgantini | Akiva Orr | Moni Ovadia | Ilan Pappé | Roger Waters | Rabbi David Weiss
Co-produced with over 1700 people's support
Shooted in Italy, North America, Israel, Palestine, England, Ireland, France, Germany, Czech Republic
Between April 2011 and October 2012Original Motion Picture Soundtrack
Music by Fulvio Renzi
With: Paki Zennaro | Vincenzo Zitello | Gilad Atzmon | Fakhraddin Gafarov | Marco Messina | Emanuele Wiltsch Barberio | David Boato | Adriano Clera | Romina Salvadori | Gionata Mirai | Yuriko Mikamiwww.stayhuman.tv
www.thereadingmovie.tv
www.restiamoumani.com - Video Language:
- Italian
- Duration:
- 03:02:33
Sam El Jamrí edited Arabic subtitles for Stay Human - The Reading Movie (2013) | ||
Amara Bot added a translation |