1 00:00:00,760 --> 00:00:02,856 في مكانٍ ما، يوجدُ هناك رجلاً 2 00:00:02,880 --> 00:00:05,856 يشبه قليلاً الممثل (إدريس إلبا)، 3 00:00:05,880 --> 00:00:08,256 أو كان يشبهه على الأقل قبل عشرين عاماً 4 00:00:08,280 --> 00:00:10,096 لا أعرف أي شيْ آخر عنه، 5 00:00:10,120 --> 00:00:12,016 عدا أنه أنقذ حياتي ذات مرة 6 00:00:12,040 --> 00:00:13,680 بتعريض حياته الشخصية إلى الخطر. 7 00:00:14,600 --> 00:00:19,976 ركض هذا الرجل عبر أربعة مسارات للطريق السريع في منتصف الليل 8 00:00:20,000 --> 00:00:21,776 ليعيدني إلى بر الأمان 9 00:00:21,800 --> 00:00:24,576 بعد حادث سيارة كادت تتسبب في مقتلي. 10 00:00:24,600 --> 00:00:27,256 وكما هو واضح، تركني الأمر كله مهزوزة حقاً، 11 00:00:27,280 --> 00:00:31,256 و لكنه أيضاً تركني بهذا النوع من الحاجة الماسة والرغبة الملحة 12 00:00:31,280 --> 00:00:32,920 لفهم السبب الذي دفعه للقيام بذلك، 13 00:00:33,760 --> 00:00:36,536 ما هي القوى الداخلية التي دفعته لإتخاذ الخيار 14 00:00:36,560 --> 00:00:38,416 الذي أدين بحياتي له، 15 00:00:38,440 --> 00:00:42,056 للمخاطرة بحياته لإنقاذ حياة غريب؟ 16 00:00:42,080 --> 00:00:47,120 بعبارة اخرى، ما هي دوافع قدرته أو قدرة أي شخص آخر على الإيثار؟ 17 00:00:47,840 --> 00:00:49,856 لكن دعوني أولاً أخبركم ما الذي حدث. 18 00:00:49,880 --> 00:00:51,336 تلك الليلة، كنتُ في عمر 19 سنة 19 00:00:51,360 --> 00:00:53,736 وأقود عائدة إلى منزلي في تاكوما/ ولاية واشنطن، 20 00:00:53,760 --> 00:00:55,576 على الطريق السريع رقم 5، 21 00:00:55,600 --> 00:00:58,136 عندما اندفع كلب صغير أمام سيارتي. 22 00:00:58,160 --> 00:01:00,496 و قمت تماماً بعمل ما لا ينبغي عليكم فعله، 23 00:01:00,520 --> 00:01:01,880 وهو الإنحراف لتجنبه. 24 00:01:02,480 --> 00:01:04,920 و اكتشفت لماذا لا ينبغي عليكم القيام بذلك. 25 00:01:05,319 --> 00:01:07,056 لقد صدمت الكلب على أية حال، 26 00:01:07,080 --> 00:01:09,696 و أخرج ذلك السيارة عن مسارها، 27 00:01:09,720 --> 00:01:12,296 ومن ثم دارت بشكل سريع على الطريق السريع، 28 00:01:12,320 --> 00:01:15,896 حتى انتهى بها المطاف في المسار السريع من الطريق السريع 29 00:01:15,920 --> 00:01:18,856 ويتجه الجزء الخلفي منها إلى حركة قدوم الحافلات 30 00:01:18,880 --> 00:01:20,240 وثم توقف المحرك عن العمل. 31 00:01:21,480 --> 00:01:25,040 و كنت واثقة في تلك اللحظة أنني على وشك الموت أيضاً، 32 00:01:25,880 --> 00:01:27,096 ولكنني لم أمُت 33 00:01:27,120 --> 00:01:29,856 بسببب تصرف ذلك الرجل الوحيد الشجاع 34 00:01:29,880 --> 00:01:31,376 الذي لابد وأنه إتخذ قراره 35 00:01:31,400 --> 00:01:34,416 ضمن جزء من الثانية من رؤيته لسيارتي المحاصرة 36 00:01:34,440 --> 00:01:38,696 بأن يوقف سيارته ويركض عبر أربعة مسارات لحركة سير الطريق السريع 37 00:01:38,720 --> 00:01:40,656 في الظلام 38 00:01:40,680 --> 00:01:42,656 لينقذ حياتي. 39 00:01:42,680 --> 00:01:45,576 و بعد أن أعاد سيارتي إلى العمل مرة أخرى 40 00:01:45,600 --> 00:01:49,216 و أعادني إلى برَ الأمان وتأكد من أنني سأكون على ما يرام، 41 00:01:49,240 --> 00:01:50,776 انطلق مبتعداً بسيارته مرة أخرى. 42 00:01:50,800 --> 00:01:53,136 لم يقل لي حتى أسمه، 43 00:01:53,160 --> 00:01:55,320 و أنا متأكدة أنني نسيتُ أن أشكره. 44 00:01:56,440 --> 00:01:58,376 لذلك وقبل أن أواصل إلى أبعد من ذلك، 45 00:01:58,400 --> 00:01:59,856 أريد حقاً أن أتوقف لحظة 46 00:01:59,880 --> 00:02:02,680 أتوقف لأقول شكراً لذلك الغريب. 47 00:02:03,280 --> 00:02:07,980 (تصفيق) 48 00:02:10,919 --> 00:02:12,136 أقولُ لكم كل هذا 49 00:02:12,160 --> 00:02:16,376 لأن أحداث تلك الليلة غيرت مجرى حياتي إلى حدٍ ما. 50 00:02:16,400 --> 00:02:18,016 لقد أصبحت باحثة علم النفس، 51 00:02:18,040 --> 00:02:22,816 وكرَست عملي لفهم قدرة الإنسان على الإهتمام بالآخرين. 52 00:02:22,840 --> 00:02:25,176 من أين تأتي وكيف تتطور، 53 00:02:25,200 --> 00:02:27,440 و ما هي الأشكال النهائية التي يمكن أن تتخذها؟ 54 00:02:28,120 --> 00:02:31,296 هذه الأسئلة مهمَة فعلاً لفهم الجوانب الأساسية 55 00:02:31,320 --> 00:02:32,560 لطبيعة الإنسان الإجتماعية. 56 00:02:33,320 --> 00:02:35,416 الكثير من الناس، ويشملُ هذا الجميع 57 00:02:35,440 --> 00:02:38,336 من الفلاسفة والإقتصاديين إلى الأشخاص العاديين 58 00:02:38,360 --> 00:02:41,616 يعتقدون أن الطبيعة البشرية أنانية في الأصل 59 00:02:41,640 --> 00:02:45,816 وأن ما يحفزنا هي الأمور التي تصب في مصلحتنا الشخصية فقط. 60 00:02:45,840 --> 00:02:50,136 ولكن إن كان ذلك صحيحاً، لِمَ بعض الأشخاص، مثل الغريب الذي أنقذني، 61 00:02:50,160 --> 00:02:52,656 يقومون بأشياء تدلُ على نكران ذاتهم كمساعدتهم للآخرين 62 00:02:52,680 --> 00:02:55,200 معرضين أنفسهم للمخاطر الجسيمة والكلفة؟ 63 00:02:55,880 --> 00:02:57,176 الإجابة على هذا السؤال 64 00:02:57,200 --> 00:03:01,296 تتطلب البحث في جوهر أعمال الإيثار الإستثنائية، 65 00:03:01,320 --> 00:03:03,696 وما قد يجعل الأشخاص الذين ينخرطون في هذه الأعمال 66 00:03:03,720 --> 00:03:05,576 يختلفون عن الآخرين. 67 00:03:05,600 --> 00:03:08,680 لكن حتى وقت قريب، تم القيام بعمل القليل جدًا حول هذا الموضوع. 68 00:03:09,920 --> 00:03:11,736 تصرفات الرجل الذي قام بإنقاذي 69 00:03:11,760 --> 00:03:14,736 تطابق التعريف الأشد صرامة للإيثار، 70 00:03:14,760 --> 00:03:17,376 وهو تصرف تطوعي مكلَف 71 00:03:17,400 --> 00:03:19,840 بدافع من الرغبة في مساعدة شخص آخر. 72 00:03:20,640 --> 00:03:23,760 وهو كذلك تصرف غير أناني ويهدفُ إلى صالح الشخص الآخر فقط. 73 00:03:24,560 --> 00:03:27,120 ما هو الشيء الذي يمكنه ان يفسَر تصرفاً من هذا النوع؟ 74 00:03:28,120 --> 00:03:30,056 من الواضح أن إحدى الإجابات هي الرحمة، 75 00:03:30,080 --> 00:03:31,880 والتي هي المحرك الأساسي للإيثار. 76 00:03:32,520 --> 00:03:34,136 وعندها يصبحُ السؤال، 77 00:03:34,160 --> 00:03:36,920 لماذا يبدو أن لدى بعض الأشخاص صفة الإيثار أكثر من غيرهم؟ 78 00:03:38,120 --> 00:03:42,016 وربما يكون الجواب هو أن أدمغة الأشخاص ذوي القدرة العالية على الإيثار 79 00:03:42,040 --> 00:03:44,240 مختلفة بطرق أساسية. 80 00:03:45,120 --> 00:03:47,016 ولكن لمعرفة كيف ذلك، 81 00:03:47,040 --> 00:03:49,160 بدأتُ في الواقع من الطرف المضاد، 82 00:03:50,160 --> 00:03:51,360 بالأشخاص المعتلين نفسيًا 83 00:03:52,680 --> 00:03:55,776 النهج المتعارف عليه لفهم الجوانب الأساسية للطبيعة الإنسانية، 84 00:03:55,800 --> 00:03:57,816 مثل الرغبة في مساعدة الأخرين، 85 00:03:57,840 --> 00:04:00,976 هي دراسة الأشخاص الذين يفتقدون هذه الرغبة. 86 00:04:01,000 --> 00:04:03,120 ويمثلُ المعتلون نفسيًا هذه الفئة بالضبط. 87 00:04:04,200 --> 00:04:06,576 الإعتلال النفسي " السيكوباثي" هو اضطراب في النمو 88 00:04:06,600 --> 00:04:08,696 مع وجود أصول جينية وراثية قوية، 89 00:04:08,720 --> 00:04:11,616 و ينتج عنه شخصية قاسية القلب وغير مكترثة 90 00:04:11,640 --> 00:04:15,164 و نزعة للإنخراط في تصرفات غير اجتماعية وعنيفة جداً في بعض الاحيان. 91 00:04:16,040 --> 00:04:19,296 في إحدى المرات، قمت وزملائي في"المعهد الوطني للصحة العقيلة" 92 00:04:19,320 --> 00:04:21,935 بإجراء أبحاث هي الأولى من نوعها لتصوير الدماغ 93 00:04:21,959 --> 00:04:24,096 للمراهقين السيكوباتيين، 94 00:04:24,120 --> 00:04:26,976 وأظهرت نتائجنا ونتائج الباحثين الأخرين الآن، 95 00:04:27,000 --> 00:04:29,296 أن الأشخاص الذين لديهم الشخصية السيكوباتية 96 00:04:29,320 --> 00:04:32,169 يظهرون بشكل أكيد ثلاث خصائص. 97 00:04:33,160 --> 00:04:37,776 أولاً، رغم أنهم ليسوا غير حساسين لمشاعر الأخرين عموماً 98 00:04:37,800 --> 00:04:41,576 هم غير حساسين تجاه الإيماءات التي تدل أن الآخرين في محنة. 99 00:04:41,600 --> 00:04:42,816 و بالتحديد، 100 00:04:42,840 --> 00:04:46,736 لديهم صعوبة في التعرَف على تعابير الوجه التي تعكس الخوف مثل هذا. 101 00:04:46,760 --> 00:04:50,456 وتعكسُ تعابير الخوف الحاجة الملَحة و المحنة العاطفية، 102 00:04:50,480 --> 00:04:53,096 وهي عادةً تثيرُ الشفقة والرغبة في المساعدة 103 00:04:53,120 --> 00:04:54,376 في الأشخاص الذين يرونها، 104 00:04:54,400 --> 00:04:57,096 لذلك فمن المنطقي أن الأشخاص الذين يفتقدون إلى التعاطف 105 00:04:57,120 --> 00:04:59,380 يميلون أيضا ليكونوا عديمي الشعور لهذه الإشارات. 106 00:05:00,520 --> 00:05:01,736 الجزء من الدماغ 107 00:05:01,760 --> 00:05:04,656 الذي يعتبر الأكثر أهمية في التعرف على تعابير الخوف 108 00:05:04,680 --> 00:05:05,936 يسمى "اللوزة العصبية". 109 00:05:05,960 --> 00:05:09,376 هناك حالات نادرة جداً من الأشخاص الذين يفتقدون إلى "اللوزة" تماماً، 110 00:05:09,400 --> 00:05:13,256 وهم غير قادرين بشكل كبير على تمييز تعابير الخوف. 111 00:05:13,280 --> 00:05:15,656 و بينما البالغون والأطفال الأصحاء 112 00:05:15,680 --> 00:05:18,296 يظهرون عادةً ارتفاعات كبيرة في نشاط اللوزة الدماغية 113 00:05:18,320 --> 00:05:20,456 عندما ينظرون إلى تعابير الخوف، 114 00:05:20,480 --> 00:05:23,616 فإن اللوزات الدماغية للسيكوباتيين هي أقل تفاعلاً لهذه التعابير. 115 00:05:23,640 --> 00:05:25,296 و أحياناً لا تستجيب على الإطلاق، 116 00:05:25,320 --> 00:05:27,940 وربما كان هذا هو سبب صعوبة إلتقاطهم لهذه الإشارات. 117 00:05:29,240 --> 00:05:32,376 أخيراً، فإن اللوزات الدماغية للسيكوباتيين هي أصغر من المتوسط 118 00:05:32,400 --> 00:05:34,000 بحوالي 18% إلى 20%، 119 00:05:34,920 --> 00:05:38,736 إذاً، كل هذه النتائج موثوقة و قوية، 120 00:05:38,760 --> 00:05:40,216 و هي مثيرة جدأ للإهتمام. 121 00:05:40,240 --> 00:05:41,896 لكن تذكروا أن إهتمامي الرئيسي 122 00:05:41,920 --> 00:05:45,456 هو ليس فهم لماذا لا يهتم الناس بالأخرين. 123 00:05:45,480 --> 00:05:47,040 إنه فهم لماذا يهتمون. 124 00:05:47,880 --> 00:05:50,176 إذاً فالسؤال الحقيقي هو، 125 00:05:50,200 --> 00:05:52,456 هل يمكن للإيثار الإستثنائي، 126 00:05:52,480 --> 00:05:54,696 الذي هو نقيض السيكوباتية 127 00:05:54,720 --> 00:05:58,136 من حيث التعاطف والرغبة في مساعدة الأشخاص الأخرين، 128 00:05:58,160 --> 00:06:02,176 أن ينشأ من دماغ هو أيضاً نقيض للسيكوباتية؟ 129 00:06:02,200 --> 00:06:04,440 دماغ معارض للسيكوباتية نوعاً ما، 130 00:06:05,880 --> 00:06:08,976 قادر على تمييز خوف الأخرين بشكل أفضل، 131 00:06:09,000 --> 00:06:11,416 لوزة دماغية ذات استجابة أعلى لهذا التعبير 132 00:06:11,440 --> 00:06:13,280 وربما بحجم أكبر من المتوسط كذلك؟ 133 00:06:13,920 --> 00:06:15,936 كما أظهر بحثي الآن، 134 00:06:15,960 --> 00:06:17,416 الفرضيات الثلاث كلها صحيحة. 135 00:06:17,440 --> 00:06:18,696 وقد اكتشفنا ذلك 136 00:06:18,720 --> 00:06:21,736 عن طريق فحص مجموعة من الأشخاص الإيثاريين بشكل استثنائي. 137 00:06:21,760 --> 00:06:24,416 هؤلاء هم الأشخاص الذين منح كل واحد فيهم إحدى كليتيه 138 00:06:24,440 --> 00:06:25,640 إلى شخص غريب تماماً. 139 00:06:26,600 --> 00:06:29,696 إذاً هؤلاء هم أشخاص تطوعوا للخضوع إلى جراحة كبرى 140 00:06:29,720 --> 00:06:32,336 لتتم إزالة واحدة من الكُلى السليمة لديهم 141 00:06:32,360 --> 00:06:34,416 ويتمُ زراعتها في جسم لغريب مريض جدًا 142 00:06:34,440 --> 00:06:36,480 لم يتقابلا أبدًا وربما لن يلتقيا مطلقًا . 143 00:06:37,040 --> 00:06:39,840 "لماذا يقوم أي شخص بعمل هذا؟" هو السؤال الشائع جدًا. 144 00:06:40,520 --> 00:06:41,896 وقد تكون الإجابة 145 00:06:41,920 --> 00:06:44,176 أن أدمغة هؤلاء الإيثاريين الإستثنائيين 146 00:06:44,200 --> 00:06:46,000 لديها خصائص مميزة. 147 00:06:47,040 --> 00:06:50,256 هي أفضل في تمييز خوف الأخرين. 148 00:06:50,280 --> 00:06:53,696 إنها حرفياً أفضل في الكشف عندما يكون شخص آخر في محنة. 149 00:06:53,720 --> 00:06:58,376 قد يكون في جزء منه بسبب أن اللوزة الدماغية لديهم هي أكثر استجابةً لهذه التعابير. 150 00:06:58,400 --> 00:07:01,260 وتذكروا، أن هذا هو نفس الجزء من الدماغ الذي وجدنا 151 00:07:01,260 --> 00:07:03,406 أنه كان أقل استجابة عند الأشخاص السيكوباتيين. 152 00:07:03,406 --> 00:07:06,396 وأخيراً، لديهم اللوزة الدماغية أكبر من المتوسط كذلك. 153 00:07:06,396 --> 00:07:07,412 بحوالي 8%. 154 00:07:07,880 --> 00:07:09,616 ومعاً، ما تشير إليه هذه البيانات 155 00:07:09,640 --> 00:07:13,256 هو وجود شيء مثل الرعاية المستمرة في العالم 156 00:07:13,280 --> 00:07:16,816 والتي نجدها عند طرف واحد من قبل الأشخاص السيكوباتيين بشكل مرتفغ، 157 00:07:16,840 --> 00:07:19,336 وعند الطرف الآخر من قبل الأشخاص المتعاطفين جداً 158 00:07:19,360 --> 00:07:21,280 والمدفوعين إلى أعمال شديدة الإيثار. 159 00:07:22,760 --> 00:07:26,696 لكن يجب أن أضيف أن ما يجعل الأشخاص الإيثاريين بشكل إستثنائي مختلفين جداً 160 00:07:26,720 --> 00:07:29,416 ليس فقط أن نسبة تعاطفهم أعلى من المتوسط. 161 00:07:29,440 --> 00:07:30,656 إنهم، 162 00:07:30,680 --> 00:07:32,576 ولكن ما هو أكثر دهشة حولهم 163 00:07:32,600 --> 00:07:34,696 هو أنهم متعاطفون وإيثاريون 164 00:07:34,720 --> 00:07:37,656 ليس فقط تجاه الأشخاص ضمن شبكتهم الإجتماعية 165 00:07:37,680 --> 00:07:39,656 من الأصدقاء و العائلة، أليس كذلك؟ 166 00:07:39,680 --> 00:07:42,936 من أجل أن يكون لديكم مشاعر الشفقة تجاه أشخاص تحبونهم وتقفون معهم 167 00:07:42,960 --> 00:07:45,160 فهذا أمر عادي. 168 00:07:46,040 --> 00:07:50,216 يمتدُ تعاطف الإيثاريين النادر في الواقع إلى أبعد من تلك الدائرة، 169 00:07:50,240 --> 00:07:52,456 حتى إلى أبعد من دائرة معارفهم الواسعة 170 00:07:52,480 --> 00:07:55,416 إلى أشخاص خارج دائرتهم الإجتماعية تماماً.، 171 00:07:55,440 --> 00:07:56,976 إلى الغرباء كلياً، 172 00:07:57,000 --> 00:07:58,600 تماماً مثل الرجل الذي أنقذني. 173 00:07:59,960 --> 00:08:03,456 الآن، قد سنحت لي الفرصة أن أسأل العديد من متبرعي الكلى الإيثاريين 174 00:08:03,480 --> 00:08:07,856 كيف استطاعوا توليد مثل هذه الدائرة الواسعة من التعاطف 175 00:08:07,880 --> 00:08:11,216 والتي جعلتهم مستعدين لمنح إحدى كُلاهم لشخص غريب تماماً. 176 00:08:11,240 --> 00:08:14,736 ووجدت أنه كان سؤالاً صعباً بالنسبة إليهم ليجيبوا عليه في الحقيقة. 177 00:08:14,760 --> 00:08:18,816 كنت أسال كل واحد فيهم، "كيف تكون مستعداً للقيام بهذا العمل 178 00:08:18,840 --> 00:08:20,816 بينما ليس الكثير من الناس كذلك؟. 179 00:08:20,840 --> 00:08:23,256 أنت واحد أقل من 2,000 أمريكي 180 00:08:23,280 --> 00:08:25,896 الذين قاموا بمنح كلية إلى شخص غريب. 181 00:08:25,920 --> 00:08:27,760 ما الذي يجعلك مميزاً جداً؟" 182 00:08:28,400 --> 00:08:29,680 وماذا يقولون؟ 183 00:08:31,400 --> 00:08:33,320 يقولون، "لا شيْ. 184 00:08:34,200 --> 00:08:35,976 لا يوجد أي شيء مميز بخصوصي. 185 00:08:36,000 --> 00:08:37,799 أنا مثل أي شخص آخر." 186 00:08:39,200 --> 00:08:42,296 و أعتقد أن هذه هي إجابة معبّرة حقًا، 187 00:08:42,320 --> 00:08:46,160 لأنها تشيرُ إلى أن دوائر هؤلاء الإيثاريين لا تبدو كهذه، 188 00:08:47,240 --> 00:08:49,216 وإنما تبدو مثل هذه. 189 00:08:49,240 --> 00:08:50,480 ليس لها مركز. 190 00:08:51,320 --> 00:08:53,736 لا يرى هؤلاء الإيثاريين أنفسهم في الواقع 191 00:08:53,760 --> 00:08:56,016 كمركز لأي شيء. 192 00:08:56,040 --> 00:08:59,000 كأفضل أو أكثر أهمية بشكل متأصل عن أي شخص آخر. 193 00:09:00,000 --> 00:09:03,216 عندما سألت إحدى الإيثاريين لماذا يحملُ تبرعها بكليتها معنىً لها. 194 00:09:03,240 --> 00:09:05,960 قالت، "لأن الأمر ليس بشأني أنا." 195 00:09:07,040 --> 00:09:08,776 و قال آخر، 196 00:09:08,800 --> 00:09:11,056 "أنا لست مختلفاً. أنا لست فريداً. 197 00:09:11,080 --> 00:09:14,416 سيظهرُ بحثك هنا أنني مثلك تماماً." 198 00:09:14,440 --> 00:09:18,536 أعتقد ان أفضل وصف لإنعدام التمركز حول الذات المذهل (الأنانية) 199 00:09:18,560 --> 00:09:20,416 هو التواضع، 200 00:09:20,440 --> 00:09:23,536 وهي خصلة وصفها "القديس أوغسطين" في كلماته 201 00:09:23,560 --> 00:09:25,080 تجعلُ الرجال كالملائكة. 202 00:09:26,120 --> 00:09:27,816 و ما السبب في ذلك؟ 203 00:09:27,840 --> 00:09:30,616 لأنه إن لم يكن هناك مركز لدائرتك، 204 00:09:30,640 --> 00:09:33,176 فلن يكون هناك حلقات داخلية أو حلقات خارجية، 205 00:09:33,200 --> 00:09:36,096 لن يكون هناك شخص أكثر أو أقل أحقيَة بإهتمامكم وتعاطفكم 206 00:09:36,120 --> 00:09:37,320 من أي شخص آخر. 207 00:09:37,920 --> 00:09:41,416 وأعتقد أن هذا هو في الواقع ما يميز الإيثاريين الإستثنائيين 208 00:09:41,440 --> 00:09:42,680 عن الشخص العادي. 209 00:09:43,400 --> 00:09:46,976 ولكنني أعتقد أيضاً أن هذه نظرة إلى العالم يمكنُ تحقيقها من قبل الكثير 210 00:09:47,000 --> 00:09:48,976 وربما حتى غالبية الناس. 211 00:09:49,000 --> 00:09:51,256 وأعتقد هذا لأنه عند المستوى المجتمعي، 212 00:09:51,280 --> 00:09:55,000 فإن إنتشار الإيثار والتعاطف يحدثُ بالفعل في كل مكان. 213 00:09:55,920 --> 00:09:58,376 أظهر الخبير النفسي "ستيفن بينكر" وآخرون غيره 214 00:09:58,400 --> 00:10:01,656 أن الناس في كل أنحاء العالم أصبحت أقل وأقل تقبلاً 215 00:10:01,680 --> 00:10:04,136 للمعاناة في الدوائر المتسعة للآخرين من أي وقتٍ مضى، 216 00:10:04,160 --> 00:10:07,216 مما أدى إلى إنخفاض في جميع أنواع القسوة و العنف، 217 00:10:07,240 --> 00:10:10,760 من الإساءة إلى الحيوانات إلى العنف الأسري إلى عقوبة الإعدام. 218 00:10:11,480 --> 00:10:14,296 وأدى ذلك إلى زيادة في جميع أنواع الإيثار. 219 00:10:14,320 --> 00:10:17,416 قبل مائة عام، ربما كان يطنُ الناس أنه من الغرابة 220 00:10:17,440 --> 00:10:18,936 كيف أن الأمر عادي وطبيعي 221 00:10:18,960 --> 00:10:22,256 بالنسبة إلى الأشخاص الذين يتبرعون بدمهم أو بنخاعهم العظمي 222 00:10:22,280 --> 00:10:23,920 اليوم إلى أشخاص غرباء تمامًا. 223 00:10:24,720 --> 00:10:26,816 هل من الممكن أنه بعد مائة عام من الآن 224 00:10:26,840 --> 00:10:29,416 سيعتقد الناس أن التبرع بالكلية لشخص غريب 225 00:10:29,440 --> 00:10:30,896 هو أمر طبيعي وعادي 226 00:10:30,920 --> 00:10:33,936 كما ننظر إلى التبرع بالدم والنخاع العظمي اليوم؟ 227 00:10:33,960 --> 00:10:35,160 ربما. 228 00:10:35,800 --> 00:10:38,696 إذاً، ما هو مصدر كل هذه التغييرات المذهلة؟ 229 00:10:38,720 --> 00:10:40,496 يبدو في جزء منه بسبب 230 00:10:40,520 --> 00:10:43,720 إرتفاع الثروة ومستويات المعيشة. 231 00:10:44,600 --> 00:10:47,336 فكلما تصبح المجتمعات أغنى وأفضل حالاً، 232 00:10:47,360 --> 00:10:49,976 يبدو أن الناس يحولون محور إهتماماتهم إلى الخارج، 233 00:10:50,000 --> 00:10:53,856 ونتيجة ذلك، تزداد كل أنواع الإيثار تجاه الغرباء، 234 00:10:53,880 --> 00:10:58,600 من التطوع إلى التبرعات الخيرية وحتى التبرعات الإيثارية بالكلى. 235 00:10:59,440 --> 00:11:02,416 ولكن تنتجُ هذه التغييرات أيضًا 236 00:11:02,440 --> 00:11:05,656 نتيجة غريبة ومتناقضة، 237 00:11:05,680 --> 00:11:09,216 وهي حتى عندما ا يصبحُ العالم مكاناً أفضل وأكثر إنسانية، 238 00:11:09,240 --> 00:11:10,456 وهو كذلك الآن، 239 00:11:10,480 --> 00:11:13,176 يوجد هناك تصوَر شائع جداً بأنه يصبح أسوء 240 00:11:13,200 --> 00:11:15,240 وأكثر قسوة، وهو ليس كذلك. 241 00:11:16,080 --> 00:11:17,896 ولا أعرف بالضبط سبب هذا، 242 00:11:17,920 --> 00:11:21,496 لكن أعتقد أن السبب ربما يعودُ لأننا الأن نعرف أكثر بكثير 243 00:11:21,520 --> 00:11:24,696 عن معاناة الغرباء في الأماكن البعيدة، 244 00:11:24,720 --> 00:11:27,136 ولهذا نحن الأن نهتمُ أكثر بكثير 245 00:11:27,160 --> 00:11:29,360 بمعاناة هؤلاء الغرباء البعيدين. 246 00:11:30,240 --> 00:11:33,936 لكن ما هو واضح هو أن أنواع التغييرات التي نراها 247 00:11:33,960 --> 00:11:36,416 تظهرُ أن مصادر الإيثار والتعاطف 248 00:11:36,440 --> 00:11:39,456 هي جزء لا يتجزأ من الطبيعة البشرية كما هي القسوة والعنف تمامًا، 249 00:11:39,480 --> 00:11:41,176 ربما أكثر من ذلك، 250 00:11:41,200 --> 00:11:45,256 وبينما يبدو أن بعض الأشخاص حساسون بطبيعتهم أكثر 251 00:11:45,280 --> 00:11:47,376 تجاه معاناة الآخرين البعيدين عنهم، 252 00:11:47,400 --> 00:11:50,176 أعتقدُ فعلاً أن قدرة أي شخص على إخراج ذاته 253 00:11:50,200 --> 00:11:51,976 من مركز الدائرة 254 00:11:52,000 --> 00:11:56,056 وتوسيع دائرة التعاطف نحو الخارج لتشمل حتى الغرباء 255 00:11:56,080 --> 00:11:58,880 هي في متناول يد كل شخص تقريباً. 256 00:12:00,080 --> 00:12:01,296 شكراً لكم. 257 00:12:01,320 --> 00:12:08,898 (تصفيق)